وأتنعّم في ظلال جواره بأخفض عيش وأرفع وأرفغ (١) ، وأتفيأ من ظلاله أورف ظل وأسبغ ، فألفى منه ركنا عظيما ، ومأوى كريما ، وأبا برا رحيما ، فكان حكاية بعض ذلك الحال ما أنشده طفيل الغنويّ (٢) ، فقال : [من الطويل]
جزى الله خيرا جعفرا حين أزلقت (٣) |
|
بنا نعلنا في الواطئين فزلّت |
أبو أن يملّونا ولو أنّ أمّنا |
|
تلاقي الذي يلقون منا لملّت |
هم خلطونا في النفوس (٤) وألجأوا |
|
إلى حجرات أدفأت وأظلّت |
وقد كتبت عنه أشياء تفوق الحصر ، وكتب عني أشياء قصد بها حصول الرفعة والجبر ، فمّما كتبته عنه واستفدته منه مؤلّفه «شرح المقامات» ، وهو عجيب في بابه ، ولم يكمل إلى الآن. و «شرحه على الخزرجيّة» ، وهو جامع حسن ، وشرحه على شواهد التلخيص المسمّى «بمعاهد التنصيص» ، وقد لخصته في منزله في مختصر سميته «تقريب المعاهد» ، وغير ذلك من مؤلفاته ومروياته ، وحكى لي عن بعض مشايخ (٥) الكبار أنّ العالمة المحدّثة فاطمة بنت المنجا التّنوخيّة كانت متزوجة برجل دونها في الفضل ، ثم تغاضبا وتفارقا فلامها بعض تلامذتها على فراقه ، فأنشدت : [من الكامل]
__________________
(١) الرفاغة : طيبة العيش وسعته.
(٢) وردت في جميع النسخ مصحفة : «العنزي» ، والصواب ما أثبتناه وهو طفيل بن عوف بن كعب ، شاعر جاهلي توفي نحو ١٣ ق ه. انظر : طبقات الشعراء ٢٢٣ ـ ، معاهد التنصيص ١ : ٢٣٣.
(٣) وردت في (ع): «أزلفت».
(٤) وردت في (م) و (ع): «بالنفوس».
(٥) وردت في (ع): «مشايخه».