كما يخص عطاء بن أبي رباح الفقيه والمحدث المشهور بحديث مماثل ، وهنا لا بد من ملاحظة حول حديثه عن عطاء ؛ فقد كانت وفاة عطاء كما تجمع المصادر بين عامي ١١٤ و ١١٧ ه والعجيب في الرازي أنه يذكر أن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور كان يأمر ألا يفتي بمكة إلا عطاء بن أبي رباح ، وأن أبا جعفر كان يقول : «عطاء أعلم الناس بالمناسك» وفي هذا وهم غريب ، إذ كيف تكون وفاة عطاء عام ١١٧ ه على أبعد التقديرات ويأمر المنصور بألا يفتي بمكة غيره ، وخلافة المنصور تجيء بعد وفاته بما لا يقل عن عشرين عاما ، وقد تنبه المحققان الكريمان إلى هذا وأثبتاه في هامش الصفحة (٣٩٨).
ومن الشخصيات ذات الأصل اليماني التي يوليها صاحبنا الرازي أهمية (وهب بن منبه) وينسب إلى الرسول الكريم أكثر من حديث حول فضل وهب (الذي يؤتيه الله تعالى ثلث حكمة لقمان) ولعل سبب هذا الاهتمام بوهب أنه يخرج من صنعاء التي «لا تذهب الدنيا حتى تصير صنعاء أعظم مدينة في العرب ، يخرج منها وهب ، يهب الله له الحكمة» فاهتمامه بوهب جزء من اهتمامه بصنعاء وإجلاله لها ، والملاحظة الهامة في حديثه عن وهب أن ينسب إلى الرسول الكريم أحاديث شتى في فضل وهب لا نجد لها سندا في كتب الصحاح ، وهذا يجعل المرء يشعر بشدة تعصبه لصنعاء إن لم يشك في ضبطه ودقته.
رابعا : في حديثه عن وهب بن منبه يتطرق إلى أمور هامة تتعلق بقضية القدر والجبر وبعض القضايا الأخرى التي شكلت نواة حركة الاعتزال فيما بعد مما يلقي الضوء على الخلفية الفكرية التي واكبت نشأة هذه الحركة.
خامسا : يمكن اعتبار الكتاب بسبب اهتمامه بمن نبه ذكره من رجالات اليمن ، من كتب السير والرجال ، وهو في ذكره لهؤلاء الرجال اليمانيين يتعرض بالحديث لكثير من أخبار الصحابة وأبنائهم التابعين ويشرح بعضا من جوانب