قبلته الأولى إلى موضع قبلته (١) اليوم كان في المحراب نقوش ورقات (٢) وصنعة عجيبة حسنة بالجص ؛ عملا معجزا ، وخلّق بالخلوق والمسك والطيب ، وكان يطلى به المحراب كل عام لشهر رمضان ، فلما ولي القضاء يحيى بن عبد الله بن كليب أمر بهدم تلك النقوش التي كانت في المحراب ، وأعاده إلى ما هو عليه الآن من العمل ، وجصصه بهذا الجص الساذج الذي هو فيه ، وقال : إن ذلك لم يكن جائزا لأنه مكروه وهو يشغل (٣) المصلي بالنظر إليه ، وقد نهى عن تزويق المساجد (٤).
__________________
(١) حد ، صف : «موضعها».
(٢) كذا الأصول ولم نهتد إلى قراءتها. ولعلها : «وتزويقات».
(٣) صف : «لأنه يشغل قلب المصلي».
(٤) زاد ناسخ صف بين كلمة «المساجد» و «قال أبو نواس» بابا استغرق ورقة كاملة في ذكر عمارة المنارتين في المسجد الجامع بصنعاء نصه :
«باب في ذكر عمارة المنارتين في المسجد الجامع بصنعاء. وقد تقدم الحديث في ذكر فضل المسجد الجامع بصنعاء وأنه بني على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأما عمارته هذه وسقوفه المتقنة وصنعته المحكمة فإنه عمل ذلك كله بأمر الأمير إبراهيم بن محمد بن يعفر بن عبد الرحمن بن كريب الحوالي في سنة خمس وستين ومئتين من الهجرة الطاهرة النبوية صلوات الله على صاحبها وسلامه ، وجميع أخشابه التي في الجانب الشرقي من الساج ، وأكثر أخشابه التي في الجانب القبلي والعدني ، وأما الغربي فهو أيضا من الساج ، وذكر أن سبب تغير بعض سقوفه وكونها أغيرت أن علي بن فضل القرمطي سدّ موازيب المسجد في الخريف حتى امتلأت ماء فغيرت السقوف ، وله حديث ليس الغرض ذكره لأنه كان مارقا من الدين ، ثم عمل جدار به شيء من الحجارة بعد الحوالي في مدة قريبة ، وحمي من السقوف ما كان قد دهمت بداهيته وبقي في المسجد اسم الحوالي مكتوبا وتأريخ السنة التي عمر فيها المسجد هذه العمارة الحسنة ، والكتابة في ألواح قريبة من السقف منقوشة من عمل النجار حتى أن من حسده ذكر اسمه ، نجره فلم ينتجر ، وأيضا فإنه مشهور أنه بناه الحوالي برواية خلف أهل صنعاء عن سلفهم في ذكر أحداث البركة المباركة والمطاهر في غريبها وعدنيها وقبليها وذلك كله في غرب المسجد الجامع لصنعاء اليمن ، وذكر النهر الذي يسقى منها الماء إلى هذه البركة ، وذكر صنعة هذه النهر المعروفة بعد إحداثها ، وذكر الوقت الذي أحدث ذلك فيه ، ولم يكن الغرض من ذكر ذلك ورسمه في هذا المصدور بطلب ذاك ، ولا ليقال هذا فلان فاعرفوه واعرفوا عمله فإن هذا هو المهلك لكونه رياء محضا ، وعمل أهل الرياء يذهب هباء منثورا ، وكذلك الأعمال التي يقصد بها الافتخار هي من هذا المعنى (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) وإنما القصد منه المعنيين ؛ أما أحدهما