خطبت يوم العيد والأمير أسعد في دار الإمارة (١) فلم يخرج يومئذ ، فلما فرغنا من الخطبة دخلنا نهنيه فقال ما عزب عني من خطبتك شيء.
حدثني أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن الجرجاني ، قال : لما رحت من صنعاء وصرت إلى البصرة ، حضرت مجلس القاضي ـ قد سماه ذهب عني اسمه من ولد عبد الواحد ـ فسألني عن مجيئي إلى البصرة من أي بلد انتقلت؟ قلت : من صنعاء ؛ فأقبل عليّ القاضي بوجهه فسألني عن صنعاء فوصفتها شيئا شيئا وقلت له فيما قلته إنها بلدة من قدمها من غرباء (٢) ومن وطئها من أهلها ثم فرش فيها فراشا لنومه لا يحتاج أن يغيره ولا يتفقده ولا يتحول منه إلى غيره إلا أن (٣) يخشى (٤) ضرورة تلحقه ولا يرى شيئا يؤذيه ولا هواء يخرجه ويلجئه أن يتحول منه فهو على حالته ما دام قاطنا أو ساكنا إلى وقت يخرج منها إلى غيرها وهذا لم نره إلا فيها.
ومن طبخ فيها لحما أو شوى حملا [أو جديا](٥) لم يتغير / اليومين والثلاثة والأربعة والخمسة. فأما ما طبخ بالخل الحاذق فإنه يبقى أمدا (٦) إلى أن يشاء صاحبه أن يأكله في الوقت الذي يختاره ، وهذا ما لم نره إلا فيها.
ومن استسقى من بئر لهم يدعونها بئر اليناعي من شرقي البلد ، ينصب ماء
__________________
(١) أي سعد ابن أبي يعفر بن الحوالي ، حكم صنعاء مرتين أولاهما كانت بين سنتي ٢٨٦ ـ ٢٨٨ ه وثانيتهما من ٣٠٣ ـ ٣٣٢ للهجرة.
(٢) حد ، صف ، مب : «الغرباء».
(٣) كذا في الأصول كلها ، وبهذا التركيب تبدو الجملة قلقة ، ولعل النساخ قد صحفوا وقدموا وأخروا في أصل هو «إذ لا» فجعلوه «إلا أن» فاضطرب المعنى.
(٤) التصحيح من حد وحدها ، وفي النسخ الأخرى : «يشا» كذا.
(٥) تكملة من : حد ، صف.
(٦) في الأصل با غير واضحة ، وفي بقية النسخ «حامدا» ولعله تصحيف صحيحه ما أثبتناه.