فسحتها ورحبها وقضاض (١) قيعانها ومجاريها وجدرها ، وانخراق الهواء فيها والضياء الظاهر بها ، ليس كالأخلية التي تعاين وتشاهد في سواها من الضيق ورداءة الريح المتردد فيها فيكون داؤها أضر على النفوس والأجساد من كثير من البلايا التي تلحق الإنسان من سائر المكروهات والمخوفات لاحتباس هواء الأخلية المتردد فيها فيلحق الجالس لقضاء حاجته منها ضرر بيّن.
ويسمى الخلاء بصنعاء كنيفا (٢) والخلاء بصنعاء يتوارثونه قرنا بعد قرن لا يغيّرونه ، ولا يكشفونه ؛ فالخلاء بصنعاء أطيب من كثير (٣) من دساكر القرى التي حولها من بلدان التهايم وكثير من البلاد.
وصنعاء على (٤) مسيرة يوم إلى الليل من جميع نواحيها وجوانبها الأربعة من الرياح (٥) من الصبا والجنوب والدبور والشمال ، وهي أطيب بلاد الله جوا وهواء ، وماء (٦) ، ولينا ، ومرقدا ومطعما حتى إن لهم آبارا في دساكرهم كأنها الأجباب المبردة ، لا يستطاع أن يشرب [ماؤها](٧) من شدة بردها في الصيف الشديد الحر والسموم. وحدثنا محمد بن مهاجر أن حول صنعاء من الدساكر والقرى من صلاة الغداة إلى الظهر والعصر والمغرب مسافة يوم مقدار عشرة آلاف قرية من جوانبها الأربعة ، من نواحي قبليها ، وعدنيها (٨) ، وغربها وشرقها.
__________________
(١) القضاض : صخر يركب بعضه بعضا (المحيط) وفي اليمن اليوم القضاض : خليطة من الجير المطفأ الذي يسمونه النورة ومن حصى خاص يسمونه هشاش ويقضضون (يطلون) بها الحمامات وسطوح المنازل ودهاليزها وأساساتها بدلا من الإسمنت ، ولعل هذا ما قصده المؤلف.
(٢) ليست في حد.
(٣) «من كثير» ليست في حد.
(٤) ليست في مب.
(٥) «من الرياح» ليست في حد.
(٦) ليست في صف.
(٧) زيادة للإيضاح.
(٨) عدنيّها : أي الجهة الجنوبية من صنعاء.