__________________
وكان دحية الكلبي جاء به ، فدفعه إلى عظيم بصرى ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل ، فقال هرقل : أهاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا : نعم ، قال : فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فجلسنا إليه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان : قلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه ، فقال : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه ، قال أبو سفيان : وايم الله لو لا أن يؤثر علي الكذب لكذبت ، ثم قال لترجمانه : سله ، كيف حسبه فيكم؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب ، قال : فهل كان من آبائه ملك؟ قال : قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقوله؟ قال : قلت : لا ، قال : فمن اتبعه؟ أشرافكم أم ضعفاؤكم؟ قلت : بل ضعفاؤنا ، قال : هل يزيدون أم ينقصون؟ قال : قلت : لا بل يزيدون ، قال : هل يرتد أحد عن دينه بعد أن يدخل فيه ، سخطة له؟ قلت : لا ، قال : فهل قاتلتموه؟ قلت : نعم ، قال : فكيف يكون قتالكم إياه؟ قال : قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا ، يصيب منا ، ونصيب منه ، قال : فهل يغدر؟ قلت : لا ، ونحن منه في هدنة لا ندري ما هو صانع فيها ، قال : فو الله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه ، قال : فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت : لا ، قال لترجمانه : قل له : إني سألتكم عن حسبه ، فقلت : إنه فينا ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها ، وسألتك : هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن : لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك آبائه. وسألتك عن أتباعه : أضعفاؤهم ، أم أشداؤهم؟ قال : فقلت : بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن : لا ، فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ثم يذهب فيكذب على الله. وسألتك : هل يرتد أحد منهم عن دينه ، بعد أن يدخل فيه ، سخطة له؟ فزعمت أن : لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب ، وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت : أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان ، لا يزال إلى أن يتم ، وسألتك : هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ، فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا ، ينال منكم ، وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة ، وسألتك : هل يغدر؟ فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك : هل قال أحد هذا القول قبله؟ فزعمت أن : لا ، فقلت : لو كان هذا القول قاله أحد قبله ، قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله. قال : بم يأمركم؟ قلت : يأمرنا بالصلاة ، والزكاة ، والعفاف والصلة ، قال : إن يك ما تقوله حقا ، فإنه نبي ، وإني كنت أعلم أنه لخارج ، ولم أكن أظنه منكم ، ولو كنت أعلم أني أخلص إليه ، لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدميّ ، قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقرأه ، فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى هرقل عظيم الروم ، سلام