لطيف / ثم يسخنون ذلك القدر اللطيف (فيأكلون منه كذلك إلى أن يفنى ذلك القدر) (١) الأول واللّحم الطري يمكث عندهم في منازلهم وفي أسواقهم ثلاثة أيام لا يتغير ولا يريح.
وللطبيخ والطيب بصنعاء ريح عظيم ورائحة دائمة حتى إن أحدهم يتبخر بجمعته فيبقى ريح ذلك إلى جمعة أخرى ، وللقدور واللحم بها رائحة لا يكون في غيرها ، وسمعت مشايخ صنعاء (٢) يقولون : إن للحم إذا طبخ ريحا عجيبا لا يوجد في سائر البلدان مثل ذلك كما يكون في الشارع المعروف بالمبيّضين إلى دار فيروز الديلمي ، وذلك أسفل الشارع وقد حكى ذلك جماعة منهم ابن مقفّع وغيره ، ومات أبو القاسم بن مقفع هذا وهو يقارب المئة السنة. قال : سمعت جماعة يقولون : إن للقدر إذا طبخ في هذا الشارع من الريح والطعم مالا يوجد في غيره من صنعاء ، ولصنعاء في ذلك مالا يوجد في غيرها من البلاد إلا حيث يشاء الله ولا نعلم ذلك.
فأما المشهور من صنعاء فذلك غير منكر ولا مدفوع في طبيخ اللحم وطيب ريحه وفي ريح الطيب وعظم عرفه بصنعاء ، وكان لقلال هجر (٣) بصنعاء رائحة طيبة ولغثيان النفس ما يسكن ذلك من طيب ريحه وذلك حيث كانوا يأخذون مدرها الصحيح من رأس الدينباذ وهو موضع هنالك طيب التربة يخرج له رائحة وقد زال هذا اليوم بصنعاء وصارت القلال بها على غير ما ذكر منها ، وذلك أنهم أخذوا الطين من المواضع التي قد قبر فيها الموتى والترب التي لا طيب فيها (٤) كالذي كانوا يشربون به الذين من قبلنا ، وقد ذكر لي جماعة من الذين كانوا يشربون في
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في مب.
(٢) ليست في حد.
(٣) كذا الأصل. وفي : حد ، صف : «الفخار» ولعلها أقرب إلى المعنى.
(٤) حد ، صف ، مب : لها.