تلك القلال (الأولى وشرب في هذه القلال الأخرى) (١) فذكر أن بينهما فرق بعيدا ، وأن الماء لا يطيب في هذه القلال التي تعمل اليوم وينكرها إنكارا شديدا ، ويذكر أنها تذهب بلذة الماء وعذوبته وطيبه ولذته كالذي كان قد شاهد من طيب الماء وعذوبته في تلك القلال التي كانت تعمل بصنعاء قبل هذا العمل ، وإن الرجل إذا دعته نفسه إلى القيء والغثيان المعتري له رشّوا له قلة من تلك القلال الأولى وشمها سكن غيثانه ورجع إلى حسه وقوته وزال ما كان يجده مما كان يغثيه ويكربه.
ويقيم فراش الإنسان / بصنعاء في مكان واحد الشتاء والصيف لا يحوله ولا يكون لأهلها (٢) أكثر من بيت واحد ، ولا يعرف المبيت على سطح أحد من أهلها ومرقده شتاء وصيفا في موضع لا يحول إلى غيره إلا أن يؤذيه البق المنتن وهو الكتان ، فإن الكتان يؤذي بها إذا لم يكن البيت مجصصا ، فإذا جصص البيت ونظف زال منه كل مؤذ من سائر الحشرات المؤذيات وعدم فيه الأوزاغ والهوام.
وصنعاء محويّة بطلّسمين من الأفاعي والأحناش فلا يكاد أن تضر الأفاعي والأحناش بها أحدا ولم يسمع فيها بملدوغ مات من ذلك ، وما ظفر بها لم يظفر بها (٣) أحد.
وأحد هذين الطّلّسمين من حديد والآخر من صفر ، وكانا على باب مدينة صنعاء. الأول في الموضع المعروف بالقصبة مما عمل في الجاهلية ، وأحدهما (٤) ، وهو من حديد وهو (٥) على باب المصرع حيث يعمل الحدادون اليوم ، والآخر على
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في حد.
(٢) حد ، صف : «لكثير من أهلها».
(٣) كذا الأصول ولعل الصحيح : «به».
(٤) س : «والآخر».
(٥) ليست في : حد ، صف.