إني محمد بن إسحاق عن ميمون قال : قرأت في كتاب أبي أو سمعت أبي ، قال : لا يكون في قرية خمسة عشر رجلا يستغفرون الله كل يوم خمسا وعشرين مرة إلّا أمنوا من العذاب ؛ فإذا صح أن الله تعالى يحفظ القرية بالصالحين الذين يذكرونه فيها ويؤثرون رضاءه ويطلبون ما يزلفهم لديه فجائز أن تكون صنعاء محفوظة مما يريد أن يوقعه بهم إلى وقت نزوله الذي لا يرد بصلاح الصالح فيهم الذي يبيت ليله مناجيا له وسائلا (١) وداعيا ، فإن الله تعالى يرد بالدعاء ما شاء من القدر ، كما روي في الخبر أن الدعاء ينفع مما ينزل ومما لا ينزل (٢) كما روي في قوم يونس (٣) لّما أظلهم العذاب بعد ما تدلّى عليهم فقذف الله في قلوبهم التوبة فرجعوا بالندامة والتضرع والمسألة والدعاء إلى الله بالإخلاص في النية ولبسوا المسوح وفرقوا بين كل والدة وولدها ثم عجّوا إلى الله أربعين ليلة فلما علم (٤) الله تعالى الصدق من قلوبهم والتوبة على ما مضى منهم كشف عنهم العذاب بعد أن أدلاه عليهم متعهم إلى حين لمّا عجوا بالدعاء إلى الله كشف عنهم العذاب (فيقال : إن السماء مطرت دما ، ويقال غشيهم العذاب) (٥) كما يغشى النور القلب (٦).
قال علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه في الجنة ـ لما رأى قوم يونس أن العذاب قد أظل عليهم فرقوا (٧) بين كل والدة وولدها وجلسوا على الرماد وتضرعوا إلى ربهم وعجوا (٨) بالدعاء فكشف الله عنهم.
__________________
(١) «له وسائلا» ليست في حد.
(٢) في بقية النسخ : «مما نزل ومما لم ينزل».
(٣) انظر قصص الأنبياء ٤١٩ ـ ٤٣٢ ، وقصص القرآن ٢٢٦ ـ ٢٣٠
(٤) في بقية النسخ : «عرف».
(٥) ما بين القوسين ساقط في مب.
(٦) حد ، صف ، مب : «القبر».
(٧) «فرقوا بين كل» ليست في صف ، ومكانها بياض.
(٨) حد ، صف ، مب : «وتعجلوا».