نفسه من خيفته لمّا رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه وأمن أن يكون قصد في نفسه وأهله وعلم أنهم الملائكة وأن الملائكة لا تأكل الطعام وأمن منهم لأنهم كانوا إذا حضرهم (١) الضيف وأكل من طعامهم اطمأنوا إليه ، وإذا لم يأكل من طعامهم أنكروه وخافوا أن يحدّث نفسه بشر ، فلمّا أن قالوا إنا ملائكة لا ينبغي لنا أكل الطعام وإنا أرسلنا لهلاك قوم (٢) لوط وإنا نبشرك بغلام عليم ، فضحكت سارة وقالت عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة وهم لا يأكلون طعامنا ، خافتهم أيضا سارة كما خافهم إبراهيم وأصابها الروع كما أصاب إبراهيم فقال لها جبريل أبشري يا سارة بولد اسمه إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، قال قائلون : ضحكت حين بشرت بإسحاق تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها ، وقال قائلون : ضحكت سرورا بالأمن منهم لما قالوا لإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا تخف وبشروه / بغلام عليم ، وذلك أنه كان خافهم وخافتهم هي أيضا ، فلما أمنت منهم ضحكت فأتبعوها البشارة ، وكان إبراهيم عليهالسلام يقول لسدوم إذا أتاها ؛ إنّ لك يوما أما لك (٣) ، قال الله تعالى (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ)(٤) يقول : الخوف الذي أوجسه في نفسه من رسل الله حين رآى أنهم لم يصيبوا من طعامه الذي جاء به إليهم ، وأنهم أرسلوا إلى قوم لوط (٥) ليخسفوا بهم مدينتهم وأنهم ليسوا إياه يريدون ، وبشروه بإسحاق أن الله (٦) يهبه له وأنه نبي من الصالحين ، وجاءته البشرى بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب أقبل على الملائكة يجادلهم في قوم لوط قال الله تعالى (إِنَّ إِبْراهِيمَ
__________________
(١) بدلها في حد ، صف ، مب : «تضيفهم».
(٢) بقية النسخ : «قرى».
(٣) كذا الأصول ، وفي تفسير الطبري ١٢ / ٩٧ «أن إبراهيم عليهالسلام كان يشرف ويقول : سدوم يوم ما لك!».
(٤) هود : ١١ / ٧٤ ، وتمامها : (... وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).
(٥) ليست في مب.
(٦) «أن الله» ليست في مب. وفي حد : «بإسحاق إن شاء الله هبة له».