بنتان تسمى الكبرى ريثا (١) والأخرى زغرتا. فقالوا لها : يا جارية هل من منزل؟ قالت : نعم مكانكم لا تدخلوا (٢) حتى آتيكم ، فرقا عليهم من قومها؟ فأتت أباها فقالت يا أبتاه أرادوك فتيانا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم هي أحسن من وجوههم فلا يأخذهم قومك فيفضحونهم ، وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فقالوا له : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) ، قال : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ، فلما جاء بهم لوط إلى منزله لم يعلم بهم إلا أهل بيت لوط فخرجت امرأة لوط فأخبرت قومها فقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثلهم قط ، فجاءه قومه يهرعون إليه ـ والهرع بين الهرولة والجري ـ فقالوا : أو لم ننهك عن العالمين ، قال : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين. قال الله تبارك وتعالى : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ)(٣)(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ)(٤) يوم سوء من قومي ، وضاق ذرعا بأضيافه وساء ظنا بقومه وكان لوط قد أخذ على امرأته / ألا تذيع شيئا من سر أضيافه ، فلمّا دخل عليه جبريل إلى منزله رآه في صورة لم ير مثلها ، فانطلقت تسعى إلى قومها فأتت النادي ، فقالت بيدها هكذا ، فأقبلوا يهرعون إليه كما قال تعالى : (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ)(٥) قال الحسن يهرعون إليه أي) (٦) يبتدرون إليه أي يرعدون من سرعة المشي مما بهم من طلب الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين وهي السيئات التي كانوا يعملون من
__________________
(١) في تفسير القرطبي ٩ / ٧٦ زيتا ، والأخرى زعوراء.
(٢) «لا تدخلوا» ليست في حد.
(٣) حد ، صف ، س : زيادة : «ساءه مكانهم لما رأى منهم من الجمال» وهو تفسير أقحم في الآية الكريمة.
(٤) هود : ١١ / ٧٧.
(٥) الآية : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) هود : ١١ / ٧٨.
(٦) نهاية السقط في مب. الذي ابتدأ في الصفحة السابقة.