حدثني أحمد بن أبي الجوشن قال : حدثني جماعة من مشايخ القطيع منهم ابن عقبة وغيره أن القطراني كان من بني حي من بني حيان ، وأنه كان يوما معه قوسه وهو صبي فرأى ميتا قد أدرج في كفنه ، فقعد ذلك الميت على النعش فقال : لمثل هذا فليعمل العاملون ثم مال ميتا ، والقطراني يراه ويسمعه. فكانت عظة للقطراني ، ونزل إلى صنعاء وترك البادية وتعلم القرآن فأتقنه ، وتعلم من العلم ما يسره الله له ، وكان شديد الورع ، ظاهر الفضل وأمّ الناس في مسجد صنعاء ، وكان إذا أتاه قومه من بني حي يقولون لما يرون من كثرة صلاته ، وشدة اجتهاده يريدون مدحه : مصلي (١) شيطان!. حدثني بذلك بعض مشايخ أهل صنعاء أنه سمع من يقول ذلك.
وذكر لي ابن أبي الجوشن أن البعداني ليلة توفي فيها قال : اللهم اقبل معذرتي وتجاوز زلتي في جمع ما بين الصلاتين [يعني المغرب والعشاء ، وأنه لم يجمع بين صلاتين في عمره قط إلا هاتين الصلاتين](٢) ثم طفئ عند ذلك وتوفي رحمهالله.
وذكر أن ابن دحس يشيع بعيبه بالصلاة بخفيه ويقول : هو يطأ بهما الأقذار ويصلي فيهما ، فرأى في نومه كأن من بيته إلى المسجد طريقا بيضاء ما رأى شيئا يشبهها من وطي فيها وحسنها ، فقيل له : هذه طريق أبي بكر البعداني الذي أنت تعيبه ، فأصبح فأخبر بذلك ، وكان يصلي وراءه صلاة الجمعة (٣) بعد ذلك / ، وكان يأتي كل ليلة بخبز يصنع في بيته فيتصدق به.
وذكر ابن أبي الجوشن أنه رأى في نومه كأنه دخل مسجد صنعاء فرأى في صحن المسجد مزرعة حسنة (٤) قد ابتدأ فيها نبات حسن مستو فأعجبه ذلك فقال
__________________
(١) مكانها في مب بياض.
(٢) من : حد ، صف.
(٣) حد ، صف ، مب : «الجماعة» وهي أوجه.
(٤) مب : «مخصبة».