ذكر موعظة أبي عبد الرحمن طاوس بن كيسان
/ للخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان
روي أن هشام بن عبد الملك حج (١) وهو على الخلافة ، فحضر الأشراف والعلماء والزهّاد فسلموا عليه ، فلما غص المجلس بالناس قال هشام : هل بقي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم (أحد (٢)؟ فقيل له : لا ، فقال : هل بقي من التابعين أحد) (٣)؟ فقيل له : نعم ؛ طاوس اليماني. فقال : عليّ به. فقال له بعض القوم : إنه شيخ كبير فان. ولا معرفة له بتحية الملوك ولا (٤) الخلفاء. قال : لا بد من إحضاره لأستفيد من كلامه وأتشرف بحضوره وأتبارك بالنظر إليه ، فقام مشيخة من القوم فأتوا بطاوس ، فلما صار بين يديه خلع نعليه (٥) بحاشية بساطه ، ولم يسلم عليه بأمير المؤمنين ولم يقف بين يديه إلى أن يجلسه ، ولم يقبل يده ، وجلس بإزائه وقال (٦) : ما خبرك يا هشام ، فسماه ولم يكنّه ، فاستشاط هشام من ذلك غضبا وهمّ به بقبيح ، فقال له مشيخة من حضر : لن يمكنك يا أمير المؤمنين قتله ولا هضمه وهو في حرم الله وحرم رسوله صلىاللهعليهوسلم وقد تقدمنا إليك بأن لا معرفة له بتحية الملوك والخلفاء وأنه شيخ فان من بقايا التابعين.
__________________
(١) حج هشام بن عبد الملك سنة ١٠٦ للهجرة وقبل ذهابه إلى منى توفي طاوس اليماني فصلى عليه ، انظر تاريخ خليفة بن خياط ٢ / ٤٩١ ، والبداية والنهاية ٩ / ٢٣٥.
(٢) ليست في مب.
(٣) ما بين القوسين سقط في س.
(٤) «الملوك ولا» ليست في مب.
(٥) ليست في حد.
(٦) حد ، صف : «وقال له».