وأمّا تقبيلي يدك ، فنحن معاشر العرب لا نعرف القبلة إلّا لأحد رجلين ؛ رجل قبل امرأته لشهوة (١) / ، ورجل قبّل ولده لرحمة (٢).
وأما جلوسي بإزائك وسميتك ولم أكنك ، فإن الله تعالى سمّى أحباءه وأنبياءه ولم يكنّهم. فقال عز من قائل كريم : يا آدم ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا محمد ، وكنّى أعداءه فقال تعالى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(٣) فسمّى هناك أحباءه ، وكنّى أعداءه ، فجعلتك أسوة للسادة الأخيار ، وصنتك عن الأنجاس الأشرار ، فقال هشام (٤) : أحسنت يا أخا اليمن زدنا ، فقال : حدثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضياللهعنه ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن في جهنم واديا فيه حيّات كالنخل الطوال ، وعقارب كالبغال ، يلدغن راعيا لا يسير في رعيته بطريق الحق». وقام طاوس فاحتذى نعليه فقال له (٥) هشام : زدنا يا أخا اليمن ، فقال : حسبك على الله أن كفاك حسبك ، فأمر له هشام بصلة فلم يقبلها (٦).
حدثنا أحمد بن حنبل ، قال عبد الرزاق ، قال : أخبرني أبي ، قال : كان طاوس يصلي في غداة باردة مغيّمة [فمر به محمد بن يوسف أو أيوب بن يحيى ـ وهو ساجد ـ في موكبه](٧) فأمر بساج (٨) أو طيلسان مبرقع فطرح عليه فلم
__________________
(١) حد ، صف : «من شهوه».
(٢) حد ، صف ، مب : «من رحمة».
(٣) سورة المسد : ١١١ / ١ ، تمامها (... وَتَبَ).
(٤) ليست في حد.
(٤) ليست في حد.
(٥) انظر وفيات الأعيان لابن خلكان ٢ / ٥١٠ ـ ٥١١ والأحاديث الواردة في هذا النص نسب قولها ابن خلكان إلى علي بن أبي طالب رضياللهعنه ، مع اختلاف فيها باللفظ يسير. وانظر مسند أحمد ٤ / ١٩١ باختلاف باللفظ.
(٦) من بقية النسخ.
(٧) الساج : الطيلسان الأخضر أو الأسود (المحيط).