ويعدون من فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن يقرأ ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها ، أتنكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين ، وأن عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. أما يستحيي أحدكم وقد نشرت عليه صحيفته التي قد أملأ صدر نهاره أكثر ما فيها. ليس من أمر دينه ولا دنياه».
قال محمد بن المحرم ، سمعت الحسن يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ، إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» (١). فقلت للحسن : يا أبا سعيد ، لئن كان علي لرجل دين فلقيني وتقاضاني وليس عندي وخفت أن يحبسني ويهلكني فوعدته أن أقضيه رأس الهلال فلم أفعل أفمنافق أنا؟ قال : هكذا جاء الحديث.
ثم حدّث عن عبد الرزاق عن ابن عمر أن أباه لما حضره الموت قال : زوجوا فلانا فإني وعدته أن أزوجه ، لا ألقى الله عزوجل بثلث النفاق. قال : فقلت : يا أبا سعيد أو يكون ثلث الرجل منافقا وثلثاه مؤمنا؟ قال : هكذا جاء الحديث. قال : فحججت فلقيت عطاء بن أبي رباح فأخبرته الحديث بالذي سمعته من الحسن ، وبالذي قلت له ، وبالذي قال لي. فقال لي : أعجزت أن تقول له : أخبرني عن إخوة يوسف ألم يعدوا أباهم فخلفوه وحدثوه فكذبوه ، وائتمنهم فخانوه ، فمنافقون هم ، ألم يكونوا أنبياء ؛ أبوهم نبي وجدهم نبي. قال : فقلت لعطاء : يا أبا محمد ، حدثني بأصل النفاق وبأصل هذا الحديث [قال : حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما قال هذا الحديث](٢) في المنافقين خاصة الذين حدثوا النبي صلىاللهعليهوسلم فكذبوه ؛ وائتمنهم على سره فخانوه / ووعدوا أن
__________________
(١) السيوطي الجامع الصغير ١ / ١٣٨
(٢) من : حد ، صف ، مب.