ذكر كم صحب وهب (١) عبد الله بن عباس وموعظة وهب
أبو محمد قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن جوتي ، قال : محمد بن عمر بن الرومي البصري قال : حدثني أبو صالح عن أبي يوسف يزيد بن الحكم عن وهب بن منبه قال : «صحبت ابن عباس ثلاث عشرة سنة قبل أن يصاب بصره وبعدما أصيب. فقال لي يوما : يا ابن منبه قدني إلى مجلس (٢) المراء» وكان / قوم يجلسون ما بين باب بني جمح إلى الباب الذي يليه يتكلمون بالجبر والقدر ؛ فوقف عليهم ، فسلّم فردوا عليهالسلام وقالوا له : ألا تجلس رحمك الله ، قال : لا والله ما أنا بجالس ، أما تعلمون أن لله عبادا سكّتتهم خشية الله من غير عيّ ، وإنهم لهم الفصحاء واللطفاء (٣) ، والنجباء الألباء ، إذا ذكروا عظمة الله طاشت أحلامهم (٤) ، وإذا أشفقوا تبادروا إلى الله بالأعمال الزكية ، قال وهب : فقلت إني قرأت اثنين وسبعين كتابا نزلت من السماء وشاركت الناس في علمهم وعلمت كثيرا مما لم يعلم الناس فوجدت أعلم الناس بهذا الأمر أسكتهم عنه ، ووجدت أجهلهم به أنطقهم به ، ووجدت الناظر فيه كالناظر في شعاع الشمس كلما ازداد فيها نظرا ازداد فيها تحيرا».
وكان وهب قد نقش على فصّ خاتمه : اصمت تسلم ، وأحسن تغنم».
__________________
(١) ليست في صف.
(٢) من صف وحدها وفي بقية النسخ : «مسجد» ، وانظر ما يأتي ص ٤٢١ ـ ٤٢٢
(٣) صف ، مب : «الطلعاء».
(٤) مب : «طاشت قلوبهم وأحلامهم». س : «ألبابهم».