فصل
في ذكر الآية الثانية من آيات الله تعالى
وذلك أنه لما كان يوم الأربعاء لخمس عشرة خلت من شهر صفر من شهور ست مئة من بعد صلاة الظهر بقليل تراكم السحاب في الهواء (١) حتى كأنه سحاب مطر عظيم معمّ ، فوقع من السماء تراب أبيض فيه غبرة قليلة وفيه ثقل ووزن إذا اجتمع ، وعند نزوله كالنطف خفيف نزل من الهواء (٢) كما ينزل المطر الخفيف رشاش مثل النطف الصغار من المطر. فلم يزل ينزل إلى صبيحة يوم الخميس ثاني اليوم ، هذا في صنعاء ونواحيها وأعمالها حتى غطّى ورق الأشجار والزراعة يكون عمقه (٣) أصبعين ، وكان ذلك من البون بون (٤) صنعاء إلى ما يحاذيه من أرض مغارب صنعاء إلى ما يحاذيه من مشارقها إلى ذمار وأعمالها وإلى جميع مخلاف جعفر (٥) من أرض اليمن إلى زبيد وجميع أعمالها التهامية. وكان في بعض بلاد اليمن
__________________
(١) الأصل : «الهوى».
(٢) يريد : سمكه.
(٣) أي من شمال صنعاء بنحو / ٦٠ / كيلو مترا ثم جنوبا إلى مخلاف جعفر ـ المنطقة الوسطى ـ وغربا إلى تهامة. انظر عن (البون) وبقية الأماكن والمواضع في هذا الذيل الكشاف الملحق ب (تاريخ صنعاء) وسوف نعرف ما لم يرد له تعريف في الكشاف حيثما نجد ذلك ضروريا.
(٤) يقع مخلاف جعفر جنوب صنعاء (محافظة إب الآن تقريبا) وكان يعرف بمخلاف الكلاع ثم سمي مخلاف جعفر نسبة إلى الأمير الحميري أبي الفضل جعفر بن إبراهيم المناخي ، وقد نبه الخزرجي في (طراز أعلام اليمن ورقة ٢١٧) إلى وهم عمارة في (المفيد) بأن هذا المخلاف منسوب إلى جعفر بن إبراهيم المناخي مولى زياد (والمقتول في معركة مع قرامطة علي بن الفضل سنة ٢٩١ ه). ولعل ابن الديبع (ت ٩٤٤ ه) نقل عن عمارة فوقع في الوهم نفسه في كتابه (قرة العيون ١ / ١٩١). وفات العلامة القاضي محمد الأكوع التنبيه على ذلك في تحقيقه للكتاب. انظر صفة الجزيرة ٢١٠ ، والإكليل ٢ / ٢٤٤ ، والخزرجي.