فصل
وقد كان حدث في أكثر بلاد اليمن ـ قبل تناثر النجوم في مدة هي ثلاث سنين آخرها السنة التي تناثرت بها النجوم ـ برق كثير في وقت الأمطار ، فتلف منه خلق كثير لا يحصي عددهم إلّا الله ، فما كان يقع المطر إلّا ويتلف / من البرق ناس ودواب. وأكثر ذلك في وصاب والجبال العالية. وكان إذا وقع المطر أصاب الناس خوف شديد من البرق.
ولقد رأيت من عجائبه شيئا أني ذات يوم واقف في بيتي في مخلاف جعفر وقد وقع المطر فبرق برق شديد حتى ما بقيت أرى من عندي مما غلب على العين من شدة البرق.
ورجل قائم ظهره إلى جنب حجار سود فأخذت الحجار البرقة لوحا من حجر أسود (١) كان رأسه مسندا عليه وانفصل اللوح من الحجر وسلم الرجل. وهو كما قال الله تعالى : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ* لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ)(٢). وقد ورد في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يقع في آخر الزمان برق كثير حتى إنه إذا أصبح الناس قال بعضهم لبعض : من برق هذه الليلة هذا من بركته» وجميع ما يقوله صلىاللهعليهوسلم هو الصدق لأنه هو الصادق المصدق الأمين ، كما قال الله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(٣). وهذه سنن
__________________
(١) العبارة مضطربة. ولعله يريد : فأخذت البرقة من الحجار لوحا من حجر أسود.
(٢) الرعد : ١٣ / ١٣ وأول ١٤
(٣) النجم : ٥٣ / ٣ ـ ٥