لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا عداوته ، فدخلوا في دين الله تعالى كما قال الله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً)(١) ، فقدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفود العرب من أشراف بني تميم كالزبرقان بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وعمرو بن الأهتم وغيرهم. وفي وفد بني تميم عيينة بن حصن بن بدر بن حذيفة وغيره من أشراف العرب (٢). ثم قدمت عليه بعد ذلك وفود اليمن (٣) : فروة بن مسيك المرادي قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مفارقا لملوك كندة ومباعدا لهم ، وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم قتلا وقهروهم في يوم كان يقال له : «يوم الرّزم» (٤) ، الرزم ؛ بالزاي وهو الصحيح ، قيل إنه موضع في الجوف من أرض اليمن من أعمال صنعاء اليمن ، فكان الذي قاد إلى مراد همدان الأجدع بن مالك ، وقيل : مالك بن خريم. ولفروة بن مسيك فيما أصابه هو وقومه أشعار يصبّر بها نفسه على ما جرى. فلما انتهى فروة بن مسيك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم / قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الرّزم؟» ، قال : يا رسول الله ، من ذا يصيب قومه مثلما يصيب قومي يوم الرزم لا يسوؤه ذلك؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا». فاستعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مراد وزبيد وسائر مذحج كلها ، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة فكان معه (٥).
__________________
(١) سورة النصر : ١١٠ / ١ ـ ٣
(٢) انظر سيرة ابن هشام ، ط الأوربية ٢ / ٩٣٣. والطبري ، ط دار المعارف ٣ / ١١٥. وانظر عن وفود اليمن ما تقدم في تاريخ صنعاء.
(٣) يقال ليوم الرزم : يوم الردم بالدال أيضا ، وكان بين همدان ومذحج ، وقد صادف يوم بدر في السنة الثانية للهجرة ٦٢٤ م. انظر الإكليل ٢ / ٤٦٢ و ١٠ / ٨٣ و ١٩٢. وصفة الجزيرة ٢٣٧ وحاشية ٨. وانظر خبر فروة بن مسيك مع الرسول صلىاللهعليهوسلم في الطبري ٣ / ١٣٤ ـ ١٣٦.
(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ٩٥٠. والطبري ٣ / ١١٥.