وروي أن فروة قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إني امرؤ شريف وإني في بيت قومي وعددهم ، أفأقاتل من أدبر عني؟ قال له : «نعم». وخرج فروة من المدينة يريد اليمن ، حتى إذا سار يوما وليلة نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم فأمره ونهاه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما فعل المرادي؟». قالوا : همس يومه وليلته. فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب في طلبه ، فأدركه فقال له : إني رسول النبي صلىاللهعليهوسلم إليك. فقال فروة : «أنا عائذ بالله من غضبه وغضب رسوله صلىاللهعليهوسلم» ورجع مع عمر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنه لا سخط عليك ، إنك أتيتني وزعمت أنك شريف قومك ، وأنك في بيت قومك وعددهم ، وسألتني أن تقاتل بإجابة من معك من أدبر عنك ، فأتاني جبريل فأمرني ونهاني ، فكان فيما أمرني بالرأفة بأولاد سبأ واللطف بهم والتّحنّن عليهم ، وأعلمني أنه يحسن إسلامهم ، وأن تدعو قومك إلى الإسلام ، فمن أسلم قبل منه ومن كفر فقاتله». وقيل : قال له : «من أسلم منهم / فاقبل منه ، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك».
قال : وأنزل الله في سبأ ما أنزل ، فقال رجل : [يا رسول الله] وما سبأ ، أرض أو امرأة؟. فقال : ليس بأرض ولا امرأة ، لكنه رجل ولد عشرة من العرب ، فتيامن منهم ستة وتشأم أربعة. فأما الذين تشأموا : فلخم ، وجذام ، وغسان (١) ، وعاملة. وأما الذين تيامنوا : فالأشعريون ، وحمير ، وكندة ، ومذحج ، وأنمار الذين منهم خثعم. قال : فقال فروة بن مسيك المرادي : «يا رسول الله ، إن أرضا عندنا يقال لها : أبين ، هي أرض ميرتنا وريفنا ، وهي وبيّة شديدة الوباء» فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «دعها ، فإن من القرف التلف» (٢).
__________________
(١) في الأصل زيادة : وهمدان.
(٢) تاريخ صنعاء ص ١٩٣. والقرف : ملابسة الداء ومعاناة المرض. ابن الأثير : التهذيب في غريب الحديث (قرف).