فصل
ثم إنه لما فرغ فروة بن مسيك المرادي من بناء المسجد الجامع خرج يرتاد لهم مصلّى لعيدهم ، فصعد فوق الجبوب المطلّ. وقيل : صعد على غمدان ، فسأل عن موضع الجبانة فقيل : إنه كان موضع معسكر الحبشة ، وأنه الآن جربة حرث ملك لأبي حمّال الأبناوي ولأخيه. فسرّح لهما رسولا ، فأتياه فقال : «إني أريد أن أتخذ هذا الموضع مصلّى لعيد المسلمين فبيعانيه». فباعه أحدهما ، فقال أبو حمال : «هي لله ولرسوله صلىاللهعليهوسلم». وقيل : هي لأبي حمال ، هذا الرجل من الأبناء ، وحده. فسأله فروة أن يهبها له ، فوهبه إياها ، وهي لله ولرسوله ، قيل : فخرج فروة بن مسيك ليصلي بالناس بالجربة ، وهي يومئذ حرث ، فصلّى بهم فيها ثم أسّها مصلّى. وقال : أما إن هذه أول جبّانة وضعت في اليمن لعيد المسلمين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ثم كان في خلال ما هو يبنيها وضع أحجارا خلف المصلّى / أسّ فيه موضع المسجد المعروف الآن ب [مسجد] فروة بن مسيك وصلّى فيه. ولم يختلف فيه أحد من الرواة في أن فروة بن مسيك هو الذي بنى الجبانة مصلى العيدين ، وأن المسجد الذي خلف المصلى مسجد فروة بن مسيك جلس فيه حين اتّهب الجبانة من أبي حمال الأبناوي ، وقيل : صلى فيه وأسّه كما قد ذكرت.
وأما ما ذكر من فضائل الجبانة ومسجد فروة بن مسيك فقد ذكره أحمد بن عبد الله الرازي فأغناني عن ذكره هاهنا (١).
ثم إن هذه الجبانة هي التي يصلي فيها أهل صنعاء أبدا ، وقد تجدد عمارتها في بعض الأزمان تجديدا قليلا ، وإن أيسر الجبانة أفضل من أيمنها.
__________________
(١) انظر تاريخ مدينة صنعاء ص ١٢٩ ـ ١٣٠. وعن الجبانة انظر الصفحات : ١٤٠ و ٢٥٩ ـ ٢٦٠ و ٢٦٥