وحذّي المنبر بحايط من شرقيّه ويمانيّه وغربيّه ثم من خلفه من قبليّه.
وجصّص وأتقن جصاصه ، وأحكم قضاضه ، وكل ما عمل فيه من عمل فهو بحضور هذا الأمير الأغر الأجل الكبير علم الدين وردسار [بن](١) بيامي ، وفقه الله تعالى وأسعده ، وهداه إلى طريق الخيرات وأرشده ، وبترتيبه ونظره وأمره.
وأنفق عليه غير الجعالات الراتبة مالا كثيرا هبة منه على سبيل الجائزة للبناة والجعلاء والمقضضين ، ولكل من عمل به عملا ، وكساهم الثياب الجيدة على سبيل الخلع في عرفهم.
ونقش محراب الجبانة بالجصّ أياما نقشا حسنا جيدا متقنا ، وكتب فيه آيات من القرآن الكريم واسم النبي صلىاللهعليهوسلم والصلاة عليه فيه ، والترضي عن أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ـ رضياللهعنهم ـ والترضي على سائر أصحابه ، واسم فروة بن مسيك المرادي ، وأنه هو الذي أحدث عمارتها ووضعتها (٢) على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم واسم هذا الأمير الأغر علم الدين وردسار ونسبه ، أجزل الله ثوابه وضاعف حسناته ، وكتب في حجرين نقشا في أيسر المحراب في الجدار وقضض حواليها ، وجصص اسم الله تعالى واسم النبي صلىاللهعليهوسلم والصلاة عليه ، واسم فروة بن مسيك / المرادي وأنه هو الذي وضعها على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم والحجران أحدهما مرمر ، والثاني رخام.
وجصص وقضض جميع جدرانها ظاهرا وباطنا حتى صارت تنظر إلى أبعد بلد منها من عظم بياضها وحسنها.
فلما فرغ من بنائها وقضاضها وتجصيصها وإتقانها وإحكامها ، خرج أمر هذا الأمير ـ وفقه الله تعالى ـ على جمّالته بإخراج جماله لحمل البطحاء إلى المصلى ،
__________________
(١) ساقطة من الأصل.
(٢) كذا الأصل ولعلها : «ووضعها» ، كما سيأتي.