وقد كثرت الأخبار باستجابة الدعوة فيها من قديم بالتجربة المشاهدة ، ثم ما شاهدنا من بركاتها من صلاح أحوال الناس منذ وضع تجديد عمارتها وأعيدت الصلاة فيها.
لم يسبق هذا الأمير ـ وفقه الله ـ إلى مثل هذه العمارة في المصلى أحد قبله ، ولو كان لانتشر وذكر كما ذكرت عمارتها ومن عمر العمارة القليلة والبناء الضعيف ، فهذه نعمة يجب عليه شكرها لله سبحانه ، وقد شكره حين خصه بها من دون سائر الناس ممن ملك البلاد قبله : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)(١) ومن أحبه الله حبّب الله الخير إليه وهداه وأرشده. ومن أبغضه الله بغض إليه الخير وأضله ، كما قال تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ / كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(٢).
وكنت أنا يومئذ متولي الأحكام الشرعية في مدينة صنعاء وأعمالها والخطبة فيها. ثم إنه لما كان قد اندرس فضل الجبانة بسبب أحوال عرضت من ولاة لا يدينون بدين أهل السنة والجماعة ، وأهل السنة والجماعة هم ممن لا يرى رفض أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وعلى عليّ ـ أحببت أن أنشر خامل فضلها وأذكر ما انطوى من بركتها ، أعلمت أهل العصر من الناس بفضائلها ، وأعلنت بذكرها في كل موطن ، حتى إني ذكرت شيئا من ذلك في آخر خطبة عيد الأضحى. في هذا العيد عند نجاز الخطبة الراتبة المجزئة المنعقدة خطبة فقلت : «واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الله نصب لكم أعلام الرشاد ، وأوضح لكم سبل السداد ، إكراما لكم وتطولا ، وإنعاما عليكم وتفضلا ، وفضّل المساجد والبقاع
__________________
(١) آل عمران : ٣ / ٧٤
(٢) الأنعام : ٦ / ١٢٥