بعضها على بعض ، كما فضّل الشهور بعضها على بعض. ألا وإن هذا المصلى الكريم له فضل مشهور ، متقادم مذكور ، وإنه أول مصلّى وضع لعيد المسلمين في اليمن ، على عهد النبي الأمين المؤتمن ، وضعه فروة بن مسيك المرادي رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أهل اليمن ، بأمره في ذلك الزمن. فأكثروا فيه الدعاء والتضرع ، واغتنموا الصلاة فيه والتخشع ، فإن الدعاء فيه مقبول مجاب ، والعامل فيه مأجور مثاب. فأكثروا / طيافته وزيارته ، فقد أظهر الله بناءه وعمارته. وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم».
ثم إن هذا الأمير ـ وفقه الله ـ أمر باحتفار البئر التي تلي الجبانة وإحداثها ، فاحتفرت وبنيت وأحكم طيّها ، وعملت بساورتين ، وأحدثت البركة التي تليها ، وعمل الدكانان اللتان بين البئر والبركة ، وقضض ذلك كله قضاضا حسنا ، جدران البئر ، والبركة ، والدكانان ، والسواقي ، وجرى الماء منها.
ثم أمر ببناء الدار التي تلي البئر برسم الساكن فيها لحفظ الضيعة وحفظ الدواب المرصدة للضيعة ، فبنيت على هيئتها هذه المشاهدة ، دهاليز واسعة.
ثم إنه أمر بإحياء الضيعة التي حواليها ، فشيء منها كان مرافق (١) للجبانة ومصالحها ، وشيء كان عليه أثر لا يعرف له مالك. فأجاز له أهل الشرع إصلاحها فأصلحها ، وخرج فيها جرب حسنة جيدة ، جربة قبلي الجبانة ، وجربة شرقيها ، وجربة يمانيها ، فأقامت به الأبقار أياما بل أشهرا برسم الجرور حتى انصلحت وثبتت وزرعت ، وأرصدها هذا الأمير ـ وفقه الله ـ ووقفها على مصالح الجبانة وعلى من يسكن فيها من الفقراء والمساكين المنقطعين ، وأوى إليها من أبناء السبيل ، وذلك ما فضل بعد عمارتها ونفقة القيم فيها وما يحتاج إليه. وجعل ذلك لوجه الله وابتغاء مرضاته لقوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ / فَلَهُ*
__________________
(١) الأصل : «مرافقا».