أم الفردوس لم يفقد لديها |
|
سوى الحور الكواعب والخيام |
أم الجبّانة الغرّاء تزهى |
|
ببنيان على الجوزاء سام |
مباركة بها شرفت أزال |
|
على الأمصار في يمن وشام |
وأوّل ساحة وضعت مصلىّ |
|
لأعياد مكرّمة عظام |
بناها فروة بن مسيك قدما |
|
بأمر المصطفى الهادي التّهامي |
/ فصارت في أزال وساحتيها |
|
كبيت الله في البلد الحرام |
وعظّم قدرها الخلفاء قدما |
|
بذكراهم بها في كلّ عام |
وصيّرها رجال بني جريش |
|
مقاما مثل زمزم والمقام |
يصدّق ما أقول نظام شعر |
|
بذكرهم يفوق على النّظام |
تذكرها بعيد الدار ناء |
|
فقال ودمعه كالغيث هامي : |
«سقى جبّانة لبني جريش |
|
وخندقها أجشّ من الغمام |
لعمرك للسّقاية والمصلّى |
|
وغزلان به يوم التّمام |
أحبّ إليّ من شطّي زبيد |
|
ومن رمع ومن وادي سهام» |
ولما أن محاها الدّهر طمسا |
|
أتيح لشيدها تاج الكرام |
أبو المنصور أندى الناس كفّا |
|
وأشجعهم لدى يوم الصّدام |
فشيّدها المتوّج وردسار |
|
حليف المكرمات فتى بيامي (١) |
ببنيان يروق الطّرف حسنا |
|
تحيّر فيه أفكار الأنام |
بروج كالكواكب لامعات |
|
تكاد تضيء في سدف الظلام |
فأنشأ حادث البنيان منها |
|
قديما كان يذكر في الكلام |
غدا علم الهدى والدين أولى |
|
بها من كلّ كهل أو غلام |
وصارت باسمه الميمون فيها |
|
مطوّقة كأطواق الحمام |
ألا يا دولة الملك المرجّى |
|
أمدّك ذو الجلالة بالدّوام |
__________________
(١) هو وردسار بن بيامي. وفي الأصل «فتى يماني» وهو تصحيف واضح.