ثم بنيت المنارة من الدرابزين إلى موضع القبّة مثمنة ، وعمل تحت القبة (١) موضع بالسّكارج الخضر ، ثم عملت القبة صنعة محكمة ، وعمل في رأسها ثلاث جوزات (٢) من نحاس ، ورأسها هلال من نحاس وألصق إلى القبة وجصص أسفله وأحكم. فلقد أخبرني من عاين منارات الشام / أنه لم يعمل فيه مثلها إلا ربما في دمشق أو منارة الإسكندرية. فأخبرني أنه قيل (٣) : إن هذه أحسن من منارة دمشق ، والله أعلم.
وكتب في أحجار اسم هذا الأمير الكبير ـ أجزل الله ثوابه وجعل الجنة مآبه ـ وأنه هو الذي أمر بعملها ، وتاريخ انتهاء عملها ، ونزّل الحجر في شرقي المنارة (٤) ومن جملة البناء. وكان الفراغ من عمارتها يوم الثلاثاء السابع من صفر سنة ثلاث وست مئة ، وعمل جمهورها وأكثرها بأمر هذا الموفق ، أدام الله توفيقه ، ولم يكن عمل بأمر غيره إلا الشيء اليسير من أسفلها ، فكان هو المحصور بثوابها ، والمبادر إلى اكتساب الحسنات فقبلها الله تعالى منه وضاعفها.
ومن خلال هذه المدة نقضت المنارة الغربية إلى غاية أسفلها ، ثم عمل أساسها على الصحيح من الأرض ، وجعل فيها أحجارا متجوّرة صحنا (٥) وفيه النورة والجص طبقة طبقة حتى أحكم. ثم بنيت بالأحجار قليلا ، ثم أطلع بناؤها بالآجر والجص ، وفرغ بعض عمارتها إلى قريب من السقف في خلال المدة اليسيرة المقدم
__________________
(١) الأصل «الكبة».
(٢) الأصل : «جوازات».
(٣) الأصل : «وقيل».
(٤) لا يزال الحجر المنصوب في جدار المنارة المذكورة موجودا حتى اليوم ، وقد نقل المرحوم الحجري نص ما كتب عليها في كتابه (مساجد صنعاء ٢٨) ، وانظر السلوك للجندي (ورقة ٩٧ ـ نسخة باريس). وفي الأصل : «وترك» مهملة.
(٥) الأصل : «محوره صحا» اجتهدنا في قراءتها على الصورة المذكورة.