ذكر طيب صنعاء وهوائها وبدء عمارة سام بن نوح فيها (١)
ذكر أنه لمّا توفي نوح عليهالسلام اجتوى (٢) ابنه سام السكنى في أرض الشمال فأقبل طالعا في الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى الإقليم الأول فوجد اليمن أطيبه مسكنا ، وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء أطيبها بعد المدة الطويلة فوضع مقرانة ـ وهو الخيط الذي يقدر به البنّاء إذا مدّه بموضع الأساس ـ في ناحية فج عضدان في غربي الحقل مما يلي جبل عيبان ، وبين نقم وعيبان ؛ وهما جبلا صنعاء شرقيا وغربيا ، ستة أميال فيما ذكر ابن عبد الوارث ، وصنعاء اليوم فيما بينهما ، فلمّا بنى سام في غربي الحقل ، وبنى ذلك الظبر (٣) ، وهو إلى الآن معروف بصنعاء ، فلمّا رفعه بعث الله تعالى طيرا فاختطف المقرانة ، يعني الخيط ، فطار به ، وسام يتبعه لينظر أين يسقطه ، فأمّ الطائر إلى جبوب النعيم من سفح نقم ، فوقع بها ، فلمّا رهقه طار بها وطرحها على حرّة غمدان ، فلمّا قرت المقرانة على حرّة غمدان علم سام أن قد أمر بالبناء هنالك ، فأسّ غمدان ، واحتفر بئره ، وهي التي تحت غمدان إلى اليوم ، يستسقى منها ، تسمى كرامة ، مقابلة لأول / باب من أبواب مسجد صنعاء ، من ناحية المشرق ، ومن أسفل مدينة صنعاء ، وماؤها أجاج. قال : فبنيت صنعاء بين الجبلين جبل نقم وعيبان (٤) ، وهي فيما بين ذلك وبين الجبلين ستة أميال.
__________________
(١) صف : «لها».
(٢) الأصل با : «أحب» ولا يستقيم بها المعنى والتصحيح من بقية النسخ ، وانظر الخبر بنصه في الإكليل ٨ / ٤
(٣) الأصول : «الضبر» والتصويب من (صفة الجزيرة للهمداني ١٩٥) حيث يقول : «الظبر بالظاء : وهو حرف الجبل وحرف البناء» وكذا في الإكليل ٨ / ٤
(٤) صف : «بين الجبلين نقم وعيبان». مب : «بين الجبلين جبل نقم وجبل عيبان».