وبهائم رتّع لصببت البلاء عليكم (١) صبا حتى أرضكم به رضا ؛ ولكني رحيم. عبد الرزاق قال : سمعت رجلا قال لأبي رفيق بن أبي العطاء ـ وكان رجلا صالحا مصليا ـ : تركت المدينة وقبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسجد والمنبر وأقمت هاهنا ، قال أبو رفيق : إني أصلي كل ليلة في هذا الجبل ـ يعني نقما ـ فأسمع في أول الليل وفي وسطه وفي آخره قائلا يقول : اللهم احفظ القرية وأهلها ، يعني صنعاء. قال : ثم أتى أبو رفيق والرجل إلى وهب ، فأخبر أبو رفيق وهبا ما قال الرجل ، فقال له وهب (٢) : أو ما علمت أنها من المحفوظات ؛ صنعاء أجدها في كتاب الله تعالى : أزال يا أزال كل عليك ، وأنا أتحنن عليك ، أزال (٣) ويحك من وطء النعال. فقال له رجل (٤) : وأين قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً)(٥)؟ فقال وهب : قد عذّبت بالحبشي إحدى وسبعين سنة (٦).
__________________
(١) حد : «لصببت عليكم العذاب صبا».
(٢) ليست في صف.
(٣) ليست في : حد ، صف.
(٤) مب : «الرجل».
(٥) تمامها : (... كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) الإسراء : ١٧ / ٥٨
(٦) كانت الحملة الحبشية الأولى على اليمن سنة ٣٤٠ للميلاد واستمر الحكم الحبشي حتى سنة ٣٧٨ م ، وكانت الحملة الثانية سنة ٥٢٥ م واستمرت حتى سنة ٥٩٥ م لما استعان اليمنيون بالساسانيين عليهم فأنجدهم كسرى أنوشروان بقوة أبحرت من الخليج العربي ونزلت جنوب اليمن واستطاعت أن تطرد الأحباش منها ، واستقر سيف بن ذي يزن (التبع) حاكما على اليمن من قبل كسرى حتى قتل ، وهذه الفترة هي المقصودة من حديث وهب ؛ وحولها بعض الخلاف. انظر الطبري ٢ / ١٠٥ ـ ١٥٤ ، التيجان لوهب ٣٠٦ ، ابن الأثير ١ / ٤٤٢ ، تاريخ العرب لفؤاد حسنين ٣٦٥ ، المعارف لابن قتيبة ٦٣٨ ـ ٦٣٩ ، اليمن الكبرى للويسي ٢٢٠ ، تاريخ العرب القديم وعصر الرسول لنبيه عاقل ١٠٥ ، الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ١٩ / ٦٦٢٠ ـ ٦٦٤٩