فزحل مشتق من زحل فلان إذا أبطأ سمي بذلك لبطء سيره ، وقيل : للزحل والزحل الحقد ، وهو بزعمهم يدل على ذلك ويقال : إنه المراد في قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ) [الطارق / ١ ـ ٣]. والمشتري سمي بذلك لحسنه كأنه اشترى الحسن لنفسه ، وقيل : لأنه نجم الشراء والبيع ، ودليل الريح والمال في قولهم. والمرّيخ مأخوذ من المرخ وهو شجر يحتك بعض أغصانه ببعض فيوري نارا سمي بذلك لاحمراره ، وقيل : المرّيخ سهم لا ريش له إذا رمي به لا يستوي في ممرّه ، وكذا المرّيخ فيه التواء كثير في سيره ودلالته بزعمهم تشبه ذلك ، والشمس لما كانت واسطة بين ثلاثة كواكب علوية لأنهم من فوقها ، وثلاثة سفلية لأنهم من تحتها سميت بذلك لأنّ الواسطة التي في المخنقة تسمى شمسة ، والزهرة من الزاهر وهو الأبيض النير من كل شيء ، وعطارد هو النافذ في كل الأمور ولذلك يقال له أيضا الكاتب فإنه كثير التصرّف مع ما يقارنه ويلابسه من الكواكب ، والقمر مأخوذ من القمرة وهي البياض والأقمر الأبيض.
ويقال لزحل كيوان ، وللمشتري تبر والبرجيس أيضا ، وللمرّيخ بهرام ، وللشمس مهر ، وللزهرة أياهيد وسدحت أيضا ، ولعطارد هرمس ، وللقمر ماه ، وقد جمعت في بيت واحد وهو هذا :
لا زلت تبقى وترقى للعلى أبدا |
|
ما دام للسبعة الأفلاك أحكام |
مهر وماه وكيوان وتبر معا |
|
وهرمس وأياهيد وبهرام |
ويقال : لما عدا هذه الكواكب السبعة من بقية نجوم السماء الكواكب الثابتة.
سميت بذلك لثباتها في الفلك بموضع واحد ، وقيل : لبطء حركتها فإنها تقطع الفلك بزعمهم بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة شمسية مرّة واحدة.
ولكل كوكب من الكواكب السبعة السيارة فلك من الأفلاك يخصه ، والأفلاك أجسام كريات مشقات بعضها في جوف بعض وهي تسعة أقربها إلينا فلك القمر ، وبعده فلك عطارد ، ثم بعده فلك الزهرة ، وبعده فلك الشمس ، وفوقه فلك المريخ ، ثم فلك المشتري ، وفوقه فلك زحل ، ثم فلك الثوابت وفيه كل كوكب يرى في السماء سوى السبعة السيارة ، ومن فوق فلك الثوابت الفلك المحيط وهو الفلك التاسع ، ويسمى الأطلس ، وفلك الأفلاك ، وفلك الكل ، وقد اختلف في الأفلاك فقيل : هي السماوات ، وقيل : بل السماوات غيرها ، وقيل : بل هي كرية ، وقيل غير ذلك. وقيل : الفلك الثامن هو الكرسي ، والفلك التاسع هو العرش ، وقيل غير ذلك. وهذا الفلك التاسع دائم الدوران كالدولاب ويدور في كل أربعة وعشرين ساعة مستوية دورة واحدة ، ودورانه يكون أبدا من المشرق إلى المغرب ، ويدور بدورانه جميع الأفلاك الثمانية وما حوته من الكواكب دورانا حركته قسرية لإدارة