ما كان من يتسمى بالعزيز لها |
|
أهل ولا كل برق سحبه غدقه |
بين العزيزين فرق في فعالهما |
|
هذاك يعطي وهذا يأخذ الصدقه |
ثم إنّ العزيز كشف عما يستأدي من الزكاة فإنه انتهى إليه فيها أقوال شنيعة منها : أنه أخذ من رجل فقير يبيع الملح في قفة على رأسه ، زكاة عما في القفة ، وأنه بيع جمل بخمسة دنانير ذهب ، فأخذ زكاتها خمسة دراهم ، فأمر بتفويض أمرها إلى أرباب الأموال ومن وجب عليه حق.
ثم لما كانت سلطنة الملك الكامل ناصر الدين محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب أخرج من زكاة الأموال التي كانت تجبى من الناس سهمي الفقراء والمساكين ، وأمر بصرفهما في مصارفهما الشرعية ، ورتب من جملة هذين السهمين معاليم للفقهاء والصلحاء ، وأهل الخير تجري عليهم ، فاستحسن ذلك من فعله وحمله إلى ديوان الزكاة قبل منه ، ومن لم يحمل لا يتعرّض إليه فبخل الأغنياء بزكاة أموالهم حتى تضرّر الفقراء والمساكين ، وأخذ السعاة يبذلون في ضمانها الأموال لتعود إلى ما كانت عليه فولي النظر في ديوان الزكاة القاضي الأسعد شرف الدين أبو المكارم أسعد بن مهذب بن مماتي ، فاستخرج الزكاة من أربابها ثم ضمنت بمال كثير ، وعاد الأمر فيها إلى ما كان عليه من العسف والجور ، وكانت أعوان متولي الزكاة تخرج إلى منية ابن خصيب وأخميم وقوص لكشف أحوال المسافرين من التجار والحجاج وغيرهم ، فيبحثون عن جميع ما معهم ، ويدخلون أيديهم أوساط الرجال خشية أن يكون معهم مال ويحلفون الجميع بالإيمان الحرجة على ما بأيديهم وما عندهم غير ما وجدوه ، وتقوم طائفة من مردة هذه الأعوان وبأيديهم المسال الطوال ذوات الأنصبة ، فيصعدون إلى المراكب ويجسون بمسالهم جميع ما فيها من الأحمال والغرائر مخافة أن يكون فيها شيء من بضاعة أو مال فيبالغون في البحث والاستقصاء بحيث يقبح ، ويستشنع فعلهم ويقف الحجاج بين يدي هؤلاء الأعوان مواقف خزي ومهانة ، لما يصدر منهم عند تفتيش أوساطهم وغرائر أزوادهم ، ويحلّ بهم من العسف وسوء المعاملة ما لا يوصف ، وكذلك يفعل في جميع أرض مصر منذ عهد السلطان صلاح الدين بن أيوب.
وأما الثغور فهي : دمياط وتنيس ورشيد وعيذاب وأسوان والإسكندرية وهي أعظمها قدرا فإنه كان فيها عدّة جهات منها : الخمس والمتجر ، فالخمس : ما يستأدي من تجار الروم الواردين في البحر عما معهم من البضائع للمتجر بمقتضى ما صولحوا عليه ، وربما بلغ ما يستخرج منهم ما قيمته مائة دينار ومائتان وخمسة وثلاثون دينارا ، وربما انحط عن عشرين دينارا. ويسمى كلاهما خمسا. ومن أجناس الروم من يؤخذ منهم العشر ولذلك ضرائب مقرّرة.
وقال القاضي الفاضل : والحاصل من خمس الإسكندرية في سنة سبع وثمانين