وبنى بالقرب منها مدينة عرفت بذات العجائب ، وبنى مجالس مصفحة بزجاج ملوّن في وسط النيل ، وبنى سربا تحت الأرض من الأشمونين إلى أنصنا.
وقيل : إنه هو الذي بنى مدينة عين شمس ، وأنه ملك ثمانمائة سنة ، وأنّ قوم عاد انتزعوا منه الملك بعد ستمائة سنة ، وأقاموا بمصر تسعين سنة ، فأصابهم وباء خرجوا منه إلى المدينة بطريق الحجاز إلى وادي القرى ، فعاد أشمون بعد خروج العادية إلى ملك مصر ، وهو أوّل من عمل النوروز بمصر.
وفي زمانه : بنيت مدينة البهنسا ، ولما مات جعل له ناوس في آخر حدّ الأشمونين ، ودفن فيه ومعه كنوزه العظيمة وعجائبه الكثيرة منها : ألف برنية من العقاقير المدبرة لفنون الأعمال وززبروا على ناوسه اسمه ونسبه ، وجعل عليه طلسم يمنعه ممن يقصده.
وملك بعده ابنه صا : ثم بعد صا ابنه تدراس.
وقيل : ملك مناقيوش ، وكان شجاعا فاضلا فاستأنف العمارة وبنى القرى ونصب الأعلام وعمل العجائب الهائلة ، وبنى مدائن منها مدينة أخميم وحوّل الكهنة إليها ، وأقام ملكا نيفا وأربعين سنة ، ومات فدفن في الهرم الشرقيّ ومعه كنوزه.
وملك بعده ابنه ، وقد اختلف في اسمه وكان فاضلا حازما معظما عند أهل مصر ، وهو أوّل من عمل المارستان ، وأول من عمل الميدان للرياضة ، وفي أيامه بنيت مدينة سنترية في صحراء الواحات ، ثم إنّ نساء تغايرن عليه فقتلته إحداهنّ بسكين ، فدفن في ناوس ومعه أمواله ، وعمل عليه طلسم يحفظه.
وملك بعده ابنه مرقورة : وكان حكيما كاهنا ، وهو أوّل من ذلل السباع وركبها ، وبنى المدن ، وعمر الهياكل ، وأقام الأصنام ، ولما مات جعل له ناوس في صحراء الغرب ودفن معه ماله.
وملك بعده ابنه بلاطس : وكان صبيا ، فدبرت أمّه أمر الملك ، وكانت حازمة ، فأجرت الأمور على أحسن ما يكون ، وأظهرت العدل ، ووضعت عن الناس الخراج فأحبّوها ، ولما كبر ابنها أحب الصيد ، فعملت له أمّه أعمالا عجيبة ، وأقام ملكا ثلاث عشرة سنة وجدّر فمات ، وانتقل الملك إلى أعمامه.
فملك بعده أتريب بن قبطيم بن مصرايم ، وهو الثالث عشر من ملوك مصر بعد الطوفان ، وهو الذي بنى مدينة أتريب ، وعاش خمسمائة سنة منها مدّة ملكه ثلثمائة وستون سنة ، ويقال : إن النيل وقف في أيام أتريب مائة وأربعين سنة ، حتى أكلت البهائم بأرض مصر ، ولم يبق بها بهيمة ، ورؤي أتريب ماشيا وهو يبسط يديه ويقبضهما من الجوع ، ومات