متوشح بثعبان متحزم ببعضه ، وقد فغر فاه وهو يضربه بقضيب آس ، فلما رآه النمرود هاله ، وأقرّ له بجليل الحكمة ، وسأله : أن يكون ظهيرا له ، ويقال : إنه كان يرتفع ويجلس على الهرم الغربيّ في قبة تلوح على رأسه ، فإذا دهم أهل البلد أمر اجتمعوا حول الهرم فيقيم أياما لا يأكل ولا يشرب ، ثم استتر مدّة حتى توهموا أنه هلك فطمع فيه الملوك ، وقصده ملك من الغرب في جيش عظيم ، حتى قدم وادي هبيب ، فأقبل حتى جللهم من سحره بشيء كالغمام شديد الحرّ ، فأقاموا تحته أياما متحيرين ، ثم طار إلى مصر ، وأمرهم بالخروج إلى الجيش ، فوجدوهم قد ماتوا هم ودوابهم ، فهابه الكهنة مهابة لم يهابوها أحدا قبله ، وعمر طويلا وغاب فلم يعلم خبره.
وقال ابن عبد الحكم : إنّ كلكلي ابن حزابا ملكهم نحو مائة سنة ثم مات ولا ولد له.
فملك أخوه ماليا بن حزابا. قال ابن وصيف شاه : وقام أخوه ماليا : وكان شرها كثير الأكل والشرب منفردا بالرفاهية غير ناظر في شيء من الحكمة ، وجعل أمر البلد إلى وزيره ، واشتغل بالنساء ، وكان له من النساء ثمانون امرأة فهجم عليه ابنه طوطيس ، وهو سكران فقتله ، وقتل امرأة كانت عنده.
وملك بعده ابنه طوطيس : ويقال : إنه عمرو بن امرئ القيس بن بابليون بن حمير بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ويقال : الوليد بن الريان ، وأنه أحد فراعنة مصر ، من ولد دان بن فهلوج بن أمراز بن أشود بن سام بن نوح.
وقيل : فراعنة مصر من ولد عملاق الأوّل بن لاود بن سام بن نوح ، وكان جبارا جريئا شديد البأس مهابا ، والقبط تزعم أنه أوّل الفراعنة بمصر ، وهو فرعون إبراهيم عليهالسلام ، ويقال : إن الفراعنة سبعة ، هو أوّلهم ، وحفر نهرا في شرقيّ مصر بسفح الجبل حتى ينتهي إلى مرفأ السفن في البحر الملح ، وكان يحمل إلى هاجر أمّ إسماعيل التي أعطاها إبراهيم عليهالسلام الحنطة وأصناف الغلات فتصل إلى جدّة فأحيى بلد الحجاز مدّة ، ويقال : إن كل ما حليت به الكعبة في ذلك العصر مما أهداه ملك مصر ، ولكثرة ما حمل إلى الحجاز سمته العرب من جرهم الصادوق.
وفي كتاب هروشيش : أن سلطان المصريين في زمن إبراهيم الخليل عليهالسلام ، كان بأيدي قوم يدعون ببني فاليق بن دارش ، ودام ملكهم بمصر مائة وعشرين سنة ، وقال ابن إسحاق عن بعضهم : إن فراعنة مصر من ولد دان بن فهلوج بن امراز بن أشود بن سام بن نوح ، قال : والمشهور أنهم من العماليق ، منهم الريان بن الوليد ، ويقال : الوليد بن الريان فرعون يوسف ، والوليد بن مصعب فرعون موسى ، ومنهم سنان بن علوان.
قال ابن وصيف شاه : وإنما قيل له : فرعون ، لأنه أكثر القتل ولم يرزق غير ابنة ،