ابن السريّ في شهر رمضان وأسره وأخرجه من مصر إلى مكة في البحر.
وبعث المأمون ، بولاية عبيد الله بن السريّ ، على ما في يده وهو فسطاط مصر ، وصعيدها وغربيها ، وبولاية عليّ بن عبد العزيز الجرويّ تنيس مع الحوف الشرقيّ ، وضمنه خراجه ، وأقبل ابن الجرويّ على استخراج خراجه من أهل الحوف فمانعوه ، وكتبوا إلى ابن السريّ يستمدّونه عليه ، فأمدّهم بأخيه ، فالتقيا بكورة بنا في بلقينة ، فاقتتلوا في صفر سنة تسع ومائتين ، وامتدّت الحروب بينهما إلى أثناء ربيع الأوّل وهم منتصفون ، فانصرف ابن الجرويّ فيمن معه إلى دمياط ، فسار ابن السريّ إلى محلة شريقون ، ونهبها وبعث إلى تنيس ودمياط فملكها ، ولحق ابن الجرويّ بالفرما ، وسار منها إلى العريش ، فنزل فيما بينها وبين غزة ، ثم عاد وأغار على الفرما في جمادى الآخرة ، ففرّ أصحاب ابن السريّ من تنيس ، وسار ابن الجرويّ إلى شطنوف ، فخرج إليه ابن السريّ ، واقتتلا ، فكانت لابن الجرويّ في أوّل النهار ، ثم أتاه كمين ابن السريّ فانهزم ، وذلك في رجب ، فمضى إلى العريش ، وسار ابن السريّ إلى تنيس ودمياط ، ثم أقبل ابن الجرويّ في المحرّم سنة عشر ومائتين ، وملك تنيس ودمياط بغير قتال ، فبعث إليه ابن السريّ البعوث فحاربهم.
فبينما هم في ذلك إذ قدم عبد الله بن طاهر ، فتلقاه ابن الجرويّ بالأموال والأنزال ، وانضم إليه ونزل معه ببلبيس ، فامتنع ابن السريّ ، ودافع ابن طاهر ، فتراخى له وبعث ، فجبى المال ، ونزل زفتا ، وبعث إلى شطنوف عيسى الجلوديّ على جسر عقده من زفتا ، وجعل ابن الجرويّ على سفنه التي جاءته من الشام لمعرفته بالحرب ، فهزم مراكب ابن السريّ في المحرّم سنة إحدى عشرة ، وصالح ابن طاهر عبيد الله بن السريّ في صفر ، وخلع عليه ، وأجازه بعشرة آلاف دينار ، وأقرّه بالخروج إلى المأمون ، فسكنت فتن مصر بعبد الله بن طاهر.
وفي سنة سبع وسبعين وثلثمائة ، ولدت بتنيس ، معزى جديا له قرون عدّة ، ورأسه مع صدره وبدنه ، ومقدّمه بصوف أبيض ، ومؤخره بشعر أسود ، وذنبه ذنب شاة.
وولدت امرأة سخلة لها رأس مدوّر ، ولها يدان ورجلان وذنب.
ولثلاث بقين من ذي الحجة من هذه السنة ، حدث بتنيس رعد وبرق وريح شديدة وسواد عظيم في الجوّ ، ثم ظهر وقت السحر في السماء عمود نار احمرّت منه السماء والأرض أشدّ حمرة وخرج غبار ودخان يأخذ بالأنفس ، فلم يزل إلى الرابعة من النهار حتى ظهرت الشمس ، ولم يزل كذلك خمسة أيام.
وفي سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة ، حضر عند قاضي تنيس أبي محمد عبد الله بن أبي الريس رجل وامرأة فطالبت المرأة الرجل بفرض واجب عليه ، فقال الرجل : تزوّجت