فقيل : جبال فاران ، وبعضهم يقول : جبال فران وكانت مدينة فاران من جملة مدائن ، مدين إلى اليوم ، وبها نخل كثير مثمر ، أكلت من ثمره ، وبها نهر عظيم ، وهي خراب يمرّ بها العربان.
ذكر أرض الجفار (١)
اعلم أنّ الجفار اسم لخمس مدائن ، وهي : الفرما ، والبقارة ، والورادة ، والعريش ، ورفج ، والجفار كله رمل وسمي بالجفار لشدّة المشي فيه على الناس ، والدواب من كثرة رمله ، وبعد مراحله ، والجفار تجفر فيه الإبل ، فاتخذ له هذا الاسم كما قيل للحبل الذي يهجر به البعير ، هجار ، وللذي يحجر به حجار ، وللذي يعقل به عقال ، وللذي يبطن به بطان ، وللذي يخطم به خطام ، وللذي يزم به زمام ، واشتقت البقارة من البقر ، والواردة من الوريد ، والعريش أخذ من العريش ، وقيل : إن رفج اسم جبل.
وكان يسكن الجفار في القديم خذام بن العريان.
ويقال : إنّ أرض الجفار كانت في الدهر الأوّل والزمن الغابر متصلة العمارة ، كثيرة البركات مشهورة بالخيرات لكثرة زراعة أهلها الزعفران والعصفر وقصب السكر ، وكان ماؤها غزيرا عذبا ، ثم صار بها نخل يحدق بها من كل النواحي إلى أن دمرها الله تدميرا ، فصارت إلى اليوم ذات رمل عظيم يسلك فيه إلى العريش ، وإلى رفج كله قفر تعرف بقعته برمل الغرابيّ قليل الماء عديم المرعى ، لا أنيس به ، فسبحان محيل الأحوال.
ذكر صعيد مصر
الصعيد : المرتفع من الأرض ، وقيل : الأرض المرتفعة من الأرض المنخفضة ، وقيل : ما لم يخالطه رمل ولا سبخة ، وقيل : هو وجه الأرض ، وقيل : الأرض الطيبة ، وقيل : هو كل تراب طيب ، وتسمية هذه الجهة من أرض مصر بهذا الاسم إنما حدث في الإسلام ، سماها العرب بذلك لأنها جهة مرتفعة عما دونها من أرض مصر ، ولذلك يقال فيها : أعلى الأرض ، ولأنها أرض ليس فيها رمل ولا سباخ ، بل كلها أرض طيبة مباركة ، ويقال للصعيد أيضا : الوجه القبليّ.
قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه : ولما حضرت مصرايم الوفاة ، عهد إلى ابنه قبطيم ، وكان قد قسم أرض مصر بين بنيه.
__________________
(١) الجفار : أرض على مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر أولها رفح من جهة الشام وآخرها الخشبي متصلة برمال تيه بني إسرائيل وسميت الجفار لكثرة الجفار بأرضها. البلدان ج ٢ / ١٤٥.