كالطيلسان ، وفي دائرة عمد على عدّة أيام السنة الشمسية ، كلها من الصوّان الأحمر الماتع ، ومسافة ما بين كل عمودين ، مقدار خطوة إنسان ، وكان ماء النيل يدخل إلى هذا الملعب من فوهة عند زيادة الماء ، فإذا بلغ ماء النيل الحدّ الذي كان إذ ذاك يحصل منه ريّ أرض مصر وكفايتها ، جلس الملك عند ذلك في مشرف له ، وصعد القوم من خواصه إلى رؤوس الأعمدة المذكورة ، فيتعادون عليها ما بين ذاهب وآت ، ويتساقطون من الأعمدة إلى الملعب ، وهو ممتلئ بالماء.
قال أبو عبيد البكريّ : أنصنا ، بفتح أوّله وإسكان ثانيه بعده صاد مهملة مكسورة ونون وألف ، كورة من كور مصر معروفة منها : كانت سريّة النبيّ صلىاللهعليهوسلم أمّ ابنه إبراهيم من قرية يقال لها حفن من قرى هذه الكورة ، ويقال : إن سحرة فرعون كانوا منها ، وإنه جلبهم منها يوم الموعد للقاء موسى عليهالسلام.
ويقال : إنّ التمساح لا يضرّ بساحل أنصنا لطلاسم وضعت بها ، وإنه إذا حاذى برّها انقلب على ظهره ، حتى يجاوزها ، ويقال : إنّ الذي بنى مدينة أنصنا أشمون بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح ، وهي واقعة في شرقيّ النيل ، وكانت حسنة البساتين والمنتزهات كثيرة الثمار والفواكه ، وهي الآن خراب.
وقال أبو حنيفة الدينوريّ : ولا ينبت البنج إلا بأنصنا ، وهو عود ينشر منه ألواح للسفن ، وربما أرعفت ناشرها ويباع اللوح منها بخمسين دينارا ونحوها ، وإذا شدّ لوح منها بلوح ، وطرح في الماء ستة أيام صارا لوحا واحدا ، وكان لأنصنا سور عتيق هدمه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وجعل على كل مركب منحدر في النيل ، جزأ من حمل صخره إلى القاهرة ، فنقل بأسره إليها.
ذكر القيس
اعلم أن القيس من البلاد التي تجاور مدينة البهنسا ، وكان يقال : القيس والبهنسا. قال ابن عبد الحكم : بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد ، فسار حتى أتى القيس ، فنزل بها فسميت به.
وقال ابن يونس : قيس بن الحارث المراديّ ، ثم الكعبيّ ، شهد فتح مصر ، يروي عن عمر بن الخطاب ، وكان يفتي الناس في زمانه ، روى عنه سويد بن قيس ، وقيل : شديد بن قيس بن ثعلبة ، وروى عنه عسكر بن سوادة ، وهو الذي فتح القرية بصعيد مصر المعروفة بالقيس ، فنسبت إليه.
وقال ابن الكنديّ : ولهم ثياب الصوف وأكسية المرعز ، وليس هي بالدنيا إلا بمصر ، وذكر بعض أهل مصر : أنّ معاوية بن أبي سفيان ، لما كبر كان لا يدفأ ، فاجتمعوا أنه لا يدفّيه