السفلي : الترسيم على التجار ، حتى يدفعوا إليهم ما جرت به رسومهم ، ورسم لهم بالخروج إلى سجن يوسف ، ووعدوا أن يطلق لهم من الحضرة ضعف ما أطلق لهم في السنة الماضية من الهبة ، فخرجوا ، وفي يوم السبت لتسع خلون من جمادى الأولى ركب القائد الأجل عز الدولة ، وسناها معضاد الخادم الأسود ، في سائر الأتراك ووجوه القوّاد ، وشق البلد ، ونزل إلى الصناعة التي بالجسر بمن معه ، ثم خرج من هناك ، وعدّى في سائر عساكره إلى الجيزة ، حتى رتب لأمير المؤمنين عساكر تكون معه مقيمة هناك لحفظه ، لأنه عدّى يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت منه في أربع عشاريات ، وأربع عشرة بغلة من بغال النقل ، وفي جميع من معه من خاصته وحرمه إلى سجن يوسف عليهالسلام ، وأقام هناك يومين وليلتين ، إلى أن عاد الرمادية الخارجون إلى السجن بالتماثيل ، والمضاحك والحكايات والسماجات ، فضحك منهم واستظرفهم ، وعاد إلى قصره بكرة يوم الأربعاء لثلاث عشرة خلت منه ، وأقام أهل الأسواق نحو الأسبوعين يطرقون الشوارع بالخيال والسماجات والتماثيل ، ويطلعون إلى القاهرة بذلك ليشاهدهم أمير المؤمنين ، ويعودون ومعهم سجل قد كتب لهم أن لا يعارض أحد منهم في ذهابه وعوده ، وأن يعتمد إكرامهم وصيانتهم ، ولم يزالوا على ذلك إلى أن تكامل جميعهم ، وكان دخولهم من سجن يوسف يوم السبت لأربع عشرة بقيت من جمادى الأولى ، وشقوا الشوارع بالحكايات والسماجات والتماثيل فتعطل الناس في ذلك اليوم عن أشغالهم ومعايشهم ، واجتمع في الأسواق خلق كثير لنظرهم ، وظل الناس أكثر هذا اليوم على ذلك ، وأطلق لجميعهم ثمانية آلاف درهم ، وكانوا اثني عشر سوقا ونزلوا مسرورين ، وبخارج مدينة الجيزة موضع يعرف بأبي هريرة ، فيظنّ من لا علم له أنه أبو هريرة الصحابيّ ، وليس كذلك ، بل هو منسوب إلى ابن ابنته.
ذكر قرية ترسا
قال القضاعيّ : وذكر أنّ القاسم بن عبيد الله بن الحبحاب ، عامل هشام بن عبد الملك على خراج مصر ، بنى في الجيزة قرية تعرف بترسا.
والقاسم هذا خرج إلى مصر ، وولي خلافة عن أبيه ، عبيد الله بن الحبحاب السلوليّ على الخراج ، في خلافة هشام بن عبد الملك ، ثم أمّره هشام على خراج مصر ، حين خرج أبوه إلى إمارة إفريقية في سنة ست عشرة ومائة ، فلم يزل إلى سنة أربع وعشرين ومائة ، فنزع عن مصر ، وجمع لحفص بن الوليد ، عربها وعجمها ، فصار يلي الخراج والصلاة معا ، وبترسا هذه كانت وقعة هارون بن محمد الجعديّ.
ذكر منية أندونة
هي إحدى قرى الجيزة ، عرفت بأندونة ، كاتب أحمد المدائني الذي كان يتقلد ضياع