إلى حائط محاذ له ، وجعل في كل شارع يمنة ويسرة أبوابا تنتهي طرقاتها إلى داخل المدينة.
وفي وسط المدينة ، ملعب يدور به من كل ناحية سبع درج ، وعليه قبة من خشب مدهون على عمد عظيمة من رخام ، وفي وسطه : منار من رخام عليه ، صنم من صوّان أسود يدور مع الشمس بدورانها ، وبسائر نواحي القبة ، صورة معلقة تصفر ، وتصيح بلغات مختلفة ، فكان الملك يجلس على الدرجة العالية من الملعب ، وحوله بنوه وأقاربه ، وأبناء الملوك ، وعلى الدرجة الثانية ، رؤساء الكهنة والوزراء ، والثالثة رؤساء الجيش ، وعلى الرابعة الفلاسفة والمنجمون والأطباء وأرباب العلوم ، وعلى الخامسة أصحاب العمارات ، وعلى السادسة أصحاب المهن ، وعلى السابعة العامّة.
فيقال : لكل صنف منهم انظروا إلى من دونكم ، ولا تنظروا إلى من فوقكم لا تلحقونهم ، وهذا ضرب من التأديب ، وقتلته امرأته بسكين ، فمات ، وكان ملكه ستين سنة.
وسنترية الآن بلد صغير يسكنه نحو ستمائة رجل من البرّ يعرفون سيوة ، ولغتهم تعرف بالسيوية تقرب من لغة زنانة ، وبها حدائق نخل وأشجار من زيتون وتين وغير ذلك وكرم كثير ، وبها الآن نحو العشرين عينا تسيح بماء عذب ، ومسافتها من الإسكندرية أحد عشر يوما ، ومن جيزة مصر أربعة عشر يوما وهي قرية يصيب أهلها الحمى كثيرا ، وثمرها غاية في الجودة ، وتعبث الجنّ بأهلها كثيرا ، وتختطف من انفرد منهم ، وتسمع الناس بها عزيف الجنّ!.
ذكر الواحات الخارجة
بناها أحد ملوك القبط الأول ، ويقال له : البودسير بن قفطيم بن قبطيم بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليهالسلام ، قال ابن وصيف شاه : وأراد البودسير أن يسير مغرّبا لينظر إلى ما هنالك ، فوقع على أرض واسعة متخرّقة بالمياه والعيون ، كثيرة العشب ، فبنى فيها مناير ومنتزهات ، وأقام فيها جماعة من أهل بيته ، فعمروا تلك النواحي ، وبنوا فيها حتى صارت أرض الغرب عمارة كلها ، وأقامت كذلك مدّة كثيرة ، وخالطهم البربر ، فنكح بعضهم من بعض ، ثم إنهم تحاسدوا ، وبغى بعضهم على بعض ، فكانت بينهم حروب ، فخرب ذلك البلد ، وباد أهله إلا بقية منازل تسمى الواحات.
وقال المسعوديّ : وأما بلاد الواحات فهي بين بلاد مصر والإسكندرية وصعيد مصر والغرب وأرض الأحابش من النوبة وغيرهم ، وبها أرض شبية وزاجية ، وعيون حامضة ، وغير ذلك من الطعوم.
وصاحب الواحات في وقتنا هذا ، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة ، عبد الملك بن