ذكر الدفائن والكنوز التي تسميها أهل مصر المطالب
الأصل في جواز تتبع الدفائن ما رواه أبو عمرو بن عبد البر والبيهقيّ في الدلائل من حديث ابن عباس.
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لما انصرف من الطائف مرّ بقبر أبي رغال (١) فقال : «هذا قبر أبي رغال ، وهو أبو ثقيف». كان إذا هلك قوم صاح في الحرم فمنعه الله. فلما خرج من الحرم رماه بقارعة ، وآية ذلك أنه دفن معه عمود من ذهب فابتدر المسلمون قبره فنبشوه واستخرجوا العمود منه.
ومن حديث عبد الله بن عمر سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر ، فقال : «هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فلما أخرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه عصا من ذهب إن نبشتم عليه أصبتموه معه» ، فابتدره الناس فأخرجوا العصا الذي كان معه.
وبمصر كنوز يوسف عليهالسلام ، وكنوز الملوك من قبله ، والملوك من بعده لأنه كان يكنز ما يفضل عن النفقات ، والمؤن لنوائب الدهر ، وهو قول الله عزوجل : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ) [الشعراء / ٥٨] ويقال : إن علم الكنوز في كنيسة القسطنطينية نقلت إليها من طليطلة.
ويقال : إنّ الروم لما خرجت من الشام ومصر ، اكتنزت كثيرا من أموالها في مواضع أعدّتها لذلك ، وكتبت كتبا بأعلام مواضعها ، وطرق الوصول إليها ، وأودعت هذه الكتب قسطنطينية ، ومنها يستفاد معرفة ذلك ، وقيل : إن الروم لم تكتب ، وإنما ظفرت بكتب معالم كنوز من ملك قبلها من اليونانيين ، والكلدانيين ، والقبط. فلما خرجوا من مصر والشام ، حملوا تلك الكتب معهم ، وجعلوها في الكنيسة وقيل : إنه لا يعطى من ذلك أحد حتى يخدم الكنيسة مدّة. فيدفع إليه ورقة تكون حظه.
قال المسعوديّ : ولمصر أخبار عجيبة من الدفائن والبنيان ، وما يوجد في الدفائن من ذخائر الملوك التي استودعوها الأرض ، وغيرهم من الأمم ممن سكن تلك الأرض. وتدعى بالمطالب إلى هذه الغاية وقد أتينا على جميع ذلك فيما سلف من كتبنا.
__________________
(١) أبو رغال : قسي بن منبه جد قبيلة ثقيف صاحب القبر الذي يرجم إلى اليوم بين مكة والطائف لأنه كان دليل الحبشة لما غزوا الكعبة فهلك مع من هلك نحو / ٥٠ / ق. ه.
مرّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم بقبره فأمر برجمه فرجم فكان ذلك سنّة. قال حسان بن ثابت : إذا الثقفي فاخركم فقولوا : هلمّ نقد شأن أبي رغال.
وقال جرير : إذا مات الفرزدق فارجموه |
|
كما ترمون قبر أبي رغال. الأعلام ج ٥ / ١٩٨. |