فيجلسون على السماط كقيامهم بين يديه ، فيأكل من أراد من غير إلزام ، فإنّ في الحاضرين من لا يعتقد الفطر في ذلك اليوم ، فيستولي على ذلك المعمول الآكلون ، وينقل إلى دار أرباب الرسوم ، ويباح فلا يبقى منه إلا السماط فقط ، فيعم أهل القاهرة ومصر من ذلك نصيب وافر ، فإذا انقضى ذلك عند صلاة الظهر ، انفض الناس ، وخرج الوزير إلى داره مخدوما بالجماعة الحاضرين ، وقد عمل سماطا لأهله وحواشيه ، ومن يعز عليه لا يلحق بأيسر يسير من سماط الخليفة ، وعلى هذا العمل يكون سماط عيد النحر أوّل يوم منه ، وركوبه إلى المصلى ، كما ذكرنا ، ولا يخرج عن هذا المنوال ولا ينقص عن هذا المثال ، ويكون الناس كلهم مفطرين ، ولا يفوت أحدا منهم شيء ، كما ذكرنا في عيد الفطر.
قال : ومبلغ ما ينفق في سماطي الفطر ، والأضحى أربعة آلاف دينار ، وكان يجلس على أسمطة الأعياد في كل سنة رجلان من الأجناد يقال لأحدهما : ابن فائز ، والآخر الديلميّ يأكل كل واحد منهما خروفا مشويا ، وعشر دجاجات محلاة ، وجام حلوى عشرة أرطال ، ولهما رسوم تحمل إليهما بعد ذلك من الأسمطة لبيوتهما ودنانير وافرة على حكم الهبة ، وكان أحدهما أسر بعسقلان في تجريدة جرّد إليها ، وأقام مدّة في الأسر فاتفق أنه كان عندهم عجل سمين فيه عدّة قناطير لحم ، فقال له الذي أسره وهو يداعبه : إن أكلت هذا العجل أعتقتك ، ثم ذبحه ، وسوّى لحمه ، وأطعمه حتى أتى على جميعه ، فوفى له وأعتقه ، فقدم على أهله بالقاهرة ، ورأيته يأكل على السماط.
الإيوان الكبير
قال القاضي الرئيس محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر الروحي الكاتب في كتاب الروضة البهية الزهراء في خطط المعزية القاهرة ، الإيوان الكبير بناه العزيز بالله أبو منصور نزار بن المعز لدين الله معدّ في سنة تسع وستين وثلثمائة ، انتهى.
وكان الخلفاء أولا يجلسون به في يومي الاثنين والخميس إلى أن نقل الخليفة الآمر بأحكام الله الجلوس منه في اليومين المذكورين إلى قاعة الذهب كما تقدّم ، وبصدر هذا الإيوان كان الشباك الذي يجلس فيه الخليفة ، وكان يعلو هذا الشباك قبة ، وفي هذا الإيوان ، كان يمدّ سماط الفطرة بكرة يوم عيد الفطر كما تقدّم به ، وبه أيضا كان يعمل الاجتماع ، والخطبة في يوم عيد الغدير ، وكان بجانب هذا الإيوان الدواوين ، وكان بهذا الإيوان ضلعا سمكة إذا أقيما واريا الفارس بفرسه ، ولم يزالا حتى بعثهما السلطان صلاح الدين يوسف إلى بغداد في هدية.
عيد الغدير (١) : إعلم أن عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا ، ولا عمله أحد من سالف
__________________
(١) في ليلة الثامن عشر من ذي الحجة. والغدير هو غدير خم بين مكة والمدينة ، لما رجع النبي صلىاللهعليهوسلم من ـ