وتفرقة المؤذنين بالجوامع والمساجد عليها ، وتقدّم بأن تكون الأسمطة بقاعة الذهب على حكم سماط أوّل يوم من عيد النحر ، وفي باكر هذا اليوم توجه الخليفة إلى الميدان ، وذبح ما جرت به العادة ، وذبح الجزارون بعده مثل عدد الكباش المذبوحة في عيد النحر ، وأمر بتفرقة ذلك للخصوص دون العموم ، وجلس الخليفة في المنظرة وخدمت الرهجية (١).
وتقدّم الوزير والأمراء ، وسلموا ، فلما حان وقت الصلاة والمؤذنون على أبواب القصر يكبرون تكبير العيد إلى أن دخل الوزير ، فوجد الخطيب على المنبر قد فرغ ، فتقدّم القاضي أبو الحجاج يوسف بن أيوب فصلى به وبالجماعة صلاة العيد ، وطلع الشريف بن أنس الدولة ، وخطب خطبة العيد ، ثم توجه الوزير إلى باب الملك ، فوجد الخليفة قد جلس قاصدا للقائه ، قد ضربت المقدّمة ، فأمره بالمضيّ إليها ، وخلع عليه خلعة مكملة من بدلات النحر وثوبها أحمر بالشدّة الدائمية ، وقلده سيفا مرصعا بالياقوت والجواهر ، وعندما نهض ليقبل الأرض وجده قد أعدّ له العقد الجوهر ، وربطه في عنقه بيده ، وبالغ في إكرامه ، وخرج من باب الملك فتلقاه المقرّبون ، وسارع الناس إلى خدمته ، وخرج من باب العيد وأولاده وإخوته والأمراء المميزون بحجبه ، وخدمت الرهجية ، وضربت العربية والموكب جميعه بزيه ، وقد اصطفت العساكر ، وتقدّم إلى ولده بالجلوس على أسمطته وتفرّقتها برسومها ، وتوجه إلى القصر ، واستفتح المقرئون ، فسلم الحاضرون ، وجرى الرسم في السماط الأوّل والثاني ، وتفرقة الرسوم والموائد على حكم أوّل يوم من عيد النحر ، وتوجه الخليفة بعد ذلك إلى السماط الثالث الخاص بالدار الجليلة لأقاربه وجلسائه.
ولما انقضى حكم التعييد جلس الوزير في مجلسه ، واستفتح المقرئون ، وحضر الكبراء وبياض البلدين لتهنىء بالعيد والخلع ، وخرج الرسم ، وتقدّم الشعراء ، فأنشدوا وشرحوا الحال ، وحضر متولي خزائن الكسوة الخاص بالثياب التي كانت على المأمون قبل الخلع ، وقبضوا الرسم الجاري به العادة ، وهو مائة دينار ، وحضر متولي بيت المال ، وصحبته صندوق فيه خمسة آلاف دينار برسم فكاك العقد الجوهر والسيف المرصع ، فأمر الوزير المأمون الشيخ أبا الحسن بن أبي أسامة : كاتب الدست الشريف بكتب مطالعة إلى الخليفة بما حمل إليه من المال برسم منديل الكم ، وهو ألف دينار ، ورسم الأخوة والأقارب ألف دينار ، وتسلم متولي الدولة بقية المال ليفرّق على الأمراء المطوّقين والمميزين والضيوف والمستخدمين.
المحول : قال ابن عبد الظاهر : المحول هو مجلس الداعي (٢) ، ويدخل إليه من باب
__________________
(١) الرهجية : مصدر صناعي من الرهج وهو الشغب أي (التهريج).
(٢) الداعي : كان من ألقاب القائمين بالدعوة الشيعية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وكان رئيس الدعاة يسمى داعي الدعاة ، وكان الداعي رئيسا لدار العلم وكانت خلف خان مسرور. الألقاب الإسلامية ١ / ٢٨٥.