العرض الثامن : صبيان الركاب ، وعدّتهم : تزيد على ألفي رجل ، ومقدّموهم أصحاب ركاب الخليفة ، وعدّتهم : اثنا عشر مقدّما ، منهم : مقدّم المقدّمين ، وهو صاحب الركاب اليمين ، ولكل من هؤلاء المقدّمين في كل شهر : خمسون دينارا ، ولهم نقباء من جهة المذكورين يعرفونهم وهم مقرّرون جوقا على قدر جواريهم ، جوقة لكل منهم : خمسة عشر دينارا ، وجوقة لكل منهم : عشرة دنانير ، وجوقة لكل منهم : خمسة دنانير ، ومنهم من ينتدب في الخدم السلطانية ، ويكون لهم نصيب في الأعمال التي يدخلونها ، وهم الذين يحملون الملحقات لركوب الخليفة في المواسم وغيرها.
وأوّل من قرّر العطاء لغلمانه ، وخدمه ، وأولادهم الذكور والإناث ، ولنسائهم ، وقرّر لهم أيضا الكسوة : العزيز (١) بالله نزار بن المعز.
ديوان الإنشاء والمكاتبات
وكان لا يتولاه إلّا أجل كتاب البلاغة ، ويخاطب : بالشيخ الأجل ، ويقال له : كاتب الدست الشريف ، ويسلم المكاتبات الواردة مختومة ، فيعرضها على الخليفة من بعده ، وهو الذي يأمر بتنزيلها ، والإجابة عنها للكتاب ، والخليفة يستشيره في أكثر أموره ، ولا يحجب عنه متى قصد المثول بين يديه ، وهذا أمر لا يصل إليه غيره ، وربما بات عند الخليفة ليالي وكان جاريه : مائة وعشرين دينارا في الشهر ، وهو أوّل أرباب الإقطاعات ، وأرباب الكسوة ، والرسوم والملاطفات ولا سبيل أن يدخل إلى ديوانه بالقصر ، ولا يجتمع بكتابه أحد إلّا الخواص ، وله حاجب من الأمراء الشيوخ ، وفرّاشون وله المرتبة الهائلة ، والمخادّ ، والمسند ، والدواة لكنها بغير كرسيّ ، وهي من أخص الدوى ، ويحملها أستاذ من أستاذي الخليفة.
التوقيع بالقلم الدقيق في المظالم
وكان لا بدّ للخليفة من جليس يذاكره ما يحتاج إليه من كتاب الله ، وتجويد الخط ، وأخبار الأنبياء ، والخلفاء ، فهو يجتمع به في أكثر الأيام ، ومعه أستاذ من المحنكين مؤهل لذلك ، فيكون الأستاذ ثالثهما ، ويقرأ على الخليفة ملخص السير ، ويكرّر عليه : ذكر مكارم الأخلاق ، وله بذلك رتبة عظيمة تلحق برتبة كاتب الدست ، ويكون صحبته للجلوس دواة محلاة ، فإذا فرغ من المجالسة ، ألقي في الدواة كاغد : فيه عشرة دنانير ، وقرطاس : فيه
__________________
(١) العزيز بالله : هو نزار أبو منصور بن المعز لدين الله. ثاني خلفاء مصر من الفاطميين. مولده بالمهدية بالمغرب سنة ٣٤٤ ه ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٣٦٥ ه وبقي حتى وفاته سنة ٣٨٦ ه. النجوم الزاهرة ج ٤.