درب السلسلة : وكان بجوار مطبخ القصر : درب السلسلة ، قال ابن الطوير : ويبيت خارج باب القصر في كل ليلة خمسون فارسا ، فإذا أذن بالعشاء الآخرة داخل القاعة ، وصلى الإمام الراتب بها بالمقيمين فيها من الأستاذين وغيرهم وقف على باب القصر أمير يقال له : سنان الدولة بن الكركنديّ ، فإذا علم بفراغ الصلاة ، أمر بضرب النوبات من الطبل والبوق ، ولوائقهما من عدّة وافرة بطرائق مستحسنة مدّة ساعة زمانية ، ثم يخرج بعد ذلك أستاذ برسم هذه الخدمة ، فيقول أمير المؤمنين يردّ على سنان الدولة السلام ، فيصقع (١) ويغرس حربة على الباب ثم يرفعها بيده ، فإذا رفعها أغلق الباب ، وسار حوالي القصر سبع دورات ، فإذا انتهى ذلك جعل على الباب البياتين والفرّاشين المقدّم ذكرهم ، وانصرف المؤذنون إلى خزانتهم هناك ، وترمي السلسلة عند المضيق آخر بين القصرين من جانب السيوفيين ، فينقطع المار من ذلك المكان إلى أن تضرب النوبة سحرا قرب الفجر ، فتنصرف الناس من هناك بارتفاع السلسلة.
وقال ابن عبد الظاهر : درب السلسلة الذي هو الآن إلى جانب السيوفيين كانت عنده سلسلة منه إلى قبالته ، تعلق كل يوم من الظهر ، حتى لا يعبر راكب تحت القصر ، وهذا الدرب يعرف : بسنان الدولة بن الكركنديّ ، وهذا الدرب هو المختص بالتقفيزة ، وهذه التقفزية أمرها مستظرف ، لا من قبل الحسن ، بل من قبل التعجب من العقول.
ولها خمسة أوقات ، وهي : ليالي العيدين ، وغرّة السنة ، وغرّة شهر رمضان ويوم فتح الخليج ، وهو : أنه يقف راكبا في وسط الزلاقة (٢) التي لباب الذهب ، قبالة الدار القطبية ، فيخرج إليه السلام من الخليفة ، ثم يخدم الرهجية ، ثم يصعد على كندرة باب الزهومة ، وقدّامه دواب المظلة يمنة ويسرة ، والرهجية تخدم وأرباب الضوء ، ومستخدمو الطرق على السلسلة ، فإذا كان الطرف وصلوا إليه ، واجتمعت الرهجية كلهم ، وركب فرسا وعليه ثياب حسنة ، وكشف عن راياته ، وأخذ بيده رمحا ، واجتمعت الرهجية حوله ، ويعبر مشورا ، وأولئك خلفه بالصراخ والصياح بشعار الإمام ، ثم يسير بذاك الجمع وخيل المظلة إلى أبواب القصر ، فيقف عند كل باب تخدم الرهجية إلى أن يعودوا إلى باب الذهب ، ثم إلى دار الوزارة للهناء ، فلم يزالوا كذلك إلى ولاية ابن الكركندي فبطلت هذه السنة في الأيام الآمرية ، وصاحب التقفيزة : ممن واصل آباؤه صحبة المعز لدين الله من بلاد المغرب فكانت هذه سنتهم.
__________________
(١) يصقع : يتحول عن الطريق بحركات توحي بالخضوع والاحترام.
(٢) الزلاقة : عبارة عن حجارة مستوية مرصوفة عند أبواب القصور لتعيق دخول الخيول منها فتنزلق عليها في حال الهجوم.