وإنما هي دار حل جوهرهم |
|
فيها وشف فأسناها الذي وصفا |
فقال لؤلؤة عجبا ببهجتها |
|
وكونها حوت الأشراف والشرفا |
فهم بسكناهم الآيات إذ سكنوا |
|
فيها ومن قبلها قد أسكنوا الصحفا |
والجوهر الفرد نور ليس يعرفه |
|
من البرية إلا كل من عرفا |
لو لا تجسمهم فيه لكان على |
|
ضعف البصائر للأبصار مختطفا |
فالكلب يا كلب أسنى منك مكرمة |
|
لأن فيه حفاظا دائما ووفا |
فلله درّ عمارة لقد قام بحق الوفاء ، ووفى بحسن الحفاظ ، كما هي عادته ، لا جرم أنه قتل في واجب من يهوي كما هي سنة المحبين فالله يرحمه ويتجاوز عنه.
منظرة الغزالة (١) : وكان بجوار منظرة اللؤلؤة منظرة تعرف : بالغزالة على شاطىء الخليج تقابل حمام ابن قرقة وقد خربت هذه المنظرة أيضا ، وموضعها الآن تجاه باب جامع ابن المغربيّ الذي من ناحية الخليج ، وقد خربت أيضا حمام ابن قرقة ، وصار موضعها فندقا بجوار حمام السلطان التي هناك يعرف بفندق عماد ، وموضع منظرة الغزالة اليوم ربع يعرف بربع غزالة إلى جانب قنطرة الموسكيّ في الحدّ الشرقيّ ، وكان يسكن بهذه المنظرة الأمير أبو القاسم بن المستنصر والد الحافظ لدين الله ، ثم سكنها أبو الحسن بن أبي أسامة كاتب الدست ، وكان بعد ذلك ينزلها من يتولى الخدمة في الطراز أيام الخلفاء.
قال ابن المأمون : لما ذكر تحوّل الخليفة الأمر بأحكام الله إلى اللؤلؤة : وأسكن الشيخ أبا الحسن بن أبي أسامة كاتب الدست الغزالة التي على شاطىء الخليج ، ولم يسكن أحد فيها قبله ممن يجري مجراه ولا كانت إلّا سكن الأمير أبي القاسم ولد المستنصر ، ولد الإمام الحافظ.
قال : وأما ما يذكره الطرّاز ، فالحكم فيه مثل الاستيمار والشائع فيها أنها كانت تشتمل في الأيام الأفضلية على أحد وثلاثين ألف دينار ، فمن ذلك السلف خاصة خمسة عشر ألف دينار قيمة الذهب العراقيّ ، والمصريّ ستة عشر ألف دينار ، ثم اشتملت في الأيام المأمونية على ثلاثة وأربعين ألف دينار ، وتضاعفت في الأيام الآمرية.
وقال ابن الطوير : الخدمة في الطراز ، وينعت بالطراز الشريف ، ولا يتولاه إلّا أعيان المستخدمين من أرباب العمائم والسيوف ، وله اختصاص بالخليفة دون كافة المستخدمين ، ومقامه بدمياط ، وتنيس وغيرهما وجارية أمير الجواري ، وبين يديه من المندوبين مائة رجل لتنفيذ الاستعمالات بالقرى ، وله عشاريّ دتماس مجرّد معه ، وثلاثة مراكب من الدكاسات ،
__________________
(١) المنظرة : موضع في مكان مرتفع يعد لاستقبال الزائرين وهذه المنظرة كانت بالقرب من ميدان القمح قرب منظرة اللؤلؤة. صبح الأعشى ج ٣ / ٣٣٣.