على المشاهد إلى درب الصفاء ، ويقال له : الشارع الأعظم إلى دار الأنماط إلى الجامع العتيق ، فإذا وصل إلى بابه ، وجد الشريف الخطيب قد وقف على مصطبة بجانبه فيها محراب مفروشة بحصر معلق عليها سجادة ، وفي يده المصحف المنسوب خطه إلى عليّ بن أبي طالب ، رضياللهعنه ، وهو من حاصله فإذا وازاه وقف في موضعه ، وناوله المصحف من يده ، فيتسمله منه ، ويقبله ويتبرّك به مرارا ، ويعطيه صاحب الخريطة المرسومة للصلات : ثلاثين دينارا ، وهي رسمه متى اجتاز به ، فيوصلها الشريف إلى مشارف الجامع ، فيكون نصيبهما منها خمسة عشر دينارا ، والباقي للقومة والمؤذنين دون غيرهم.
ويسير إلى أن يصل دار الملك ، فينزلها والوزير معه ومنذ يخرج من باب القصر إلى أن يصل إلى دار الملك لا يمرّ بمسجد إلا أعطى قيمة من الخريطة دينارا ، فلا يزال بدار الملك نهاره فتأتيه المائدة من القصر ، وعدّتها : خمسون شدّة على رؤوس الفرّاشين مع صاحب المائدة ، وهو أستاذ جليل غير محنك ، وكل شدّة فيها : طيفور فيها الأواني الخاص ، وفيها من الأطعمة الخاص من كل نوع شهيّ ، وكل صنف من المطاعم العالية ، ولها رواء ، ورائحة المسك فائحة منها ، وعلى كل شدّة طرحهة حرير تعلو القوّارة التي هي الشدّة ، فيحمل إلى الوزير منها جزء وافر ، ولمن صحبه وللأمراء ، ولكافة الحاضرين في الخدمة ، ويصل منها إلى الناس بمصر ممن بعضهم بعضا شيء كثير ، ولا يزال إلى أن يؤذن عليه بالعصر ، فيصلي ويتحرّك إلى العود إلى القاهرة ، والناس في طريقه لنظره ، فيركب وزيه في هذه الأيام أنه يلبس الثياب المذهبة البياض ، والملوّنة والمنديل من النسبة ، وهو مشدود شدّة مفردة عن شدّات الناس ، وذؤابته مرخاة من جانبه الأيسر ، ويتقلد بالسيف العربي المجوهر بغير حنك ، ولا مظلة ، ولا يتيمة ، فإنّ ذلك في أوقات مخصومة ، ولا يمرّ أيضا بمسجد في سلوكه في هذه الطريق بالساحل إلّا ، ويعطي قيّمه دينارا أيضا ، كما جرى في الرواح ، وينعطف من باب الخرق ، ويدخل من باب زويلة شاقا القاهرة حتى يدخل القصر ، فيكون ذلك من المحرّم إلى شهر رمضان ، إمّا أربع مرّات أو خمس مرّات ، ومن شعر الأسعد أسعد بن مهذب بن زكريا بن أبي مليح مما في دار الملك هذه :
حللت بدار الملك والنيل آخذ |
|
بأطرافها والموج يوسعها ضربا |
فخيلته قد غار لما وطئتها |
|
عليها فأضحى عند ذاك لها خربا |
منازل العز
بنتها السيدة تغريد أمّ العزيز بالله بن المعز ، ولم يكن بمصر أحسن منها ، وكانت مطلة على النيل لا يحجبها شيء عن نظره ، وما زال الخلفاء من بعد المعز يتداولونها ، وكانت معدّة لنزهتهم ، وكان بجوارها حمام ، ولها منها باب وموضعها الآن مدرسة تعرف : بالمدرسة التقوية منسوبة للملك المظفر تقيّ الدين عمرو بن شاهنشاه بن نجم الدين أيوب بن شادي.