مزار الشيخ الجوشى فوق جبل الجوشى
له جامع وتكية وعدة بيوت وهو مدفون فى ضريح صغير ذى قبة فى الجهة اليسرى من جامعه وهو ضريح جد بديع ، أعلى جبل المقطم وهو على مسيرة يوم من مصر القاهرة فيما يحيط بها من الصحارى. وتحت هذا الجبل كهوف تربو على الآلاف بها عدة آلاف من المتصوفة وصلحاء الأئمة ممن لم يهبطوا القاهرة قط. وهم أهل حال وأصحاب مجاهدات قوامون ليلا صوامون نهارا ، منهم :
الشيخ محمد الغمراوى الذى يجاهد نفسه ويفطر يوما فى الأسبوع ، فهو سلطان فى ركن عزلته ، وردى البشرة.
والشيخ على المغربى يسكن كذلك إحدى المغارات وهو نحيل ضئيل ، إلا أن زواره يقدمون له الطعام ، والهدايا ، ولا يصيبه منها إلا النذر اليسير ، وهو مع ذلك لم يشاهد متبولا ولا متغوطا ، وتفوح رائحة الزعفران من مغارته على الدوام ـ سلمه الله ـ.
وفى غار آخر كذلك الشيخ رجب شاه وانى الذى لم يخرج من غاره منذ ثمانية وأربعين عاما قضاها فى التنسك وتلاوة القرآن ، إنه زاهد زائع الصيت بتقواه ، فقد جاءه أحد الرهبان وتجرأ قائلا : «فلنعتكف أربعين يوما بلا طعام» ، وظلا فى الغار سبعة أيام بلياليها أراد الراهب بعدها أن يخرج من الغار لقضاء حاجة عرضت له فمنعه الشيخ رجب شاه وانى من الخروج من الغار ، وسد خدامه باب الغار ، فمكثا فى الغار. وفى اليوم الثامن عشر هلك الراهب من الجوع ، وأخرجوا جثمانه من الغار ، أما الشيخ رجب شاه فقد أكمل الأربعين يوما بلياليها دون أن يتناول حبة من قمح. كان الشيخ رجب حافظا للقرآن الكريم.
وبالقرب من ضريحه يوجد ضريح الشيخ معصوم البلغرادى وهو رجل عاقل من الشعراء البلغاء وله ملكة حسن الخط ، كان يتعيش منها على الكفاف ، كان مداوما على صيام داود ، كما يقيم كل من الشيخ محمد الفرسكورى والشيخ مردمى الطربزونى فى غار واحد ، معتكفين عن الناس ، ولا يعلم أحد من أين يحصلان على قوتهما ، سلمهما الله ، ونحمد الله أن شرفنا بمقابلتهم والحديث معهم ، ودعائهم لنا بالخير. وما عرفناه منهم من كلمات الأسرار لا يمكن البوح بها باللسان.