الأربعة وسائر أمراء مصر وترسل هدايا لكل أعيان مصر ، حيث يشربون منه ، ومنهم من يشربها بنية الشفاء. كما يحسنون بها على المتصوفة والمريدين الذين يجلبونها إليهم ، وتشرب كل أمة محمد من هذا الماء ، وبالرغم من أنه يتم ملئ مئات الآلاف من الجرار والأباريق من مياه تلك العين إلا أنها لا تنقص قطرة واحدة ، وفى اليوم الثالث للمولد تصير مياه هذه العين كماء الورد ويرسل منها إلى الشام وحلب وبغداد والبصرة وإستانبول تبركا ، حيث يكون طعم المياه حينذاك مثل ماء زمزم وطبيعته مسهلة ، وهو دواء لسبعين داء مختلف ، من يشرب منه مرة لن يصيبه مرض حتى السنة المقبلة بل إنه لن يحتاج إلى طبيب ، ولكن يجب أن يشرب بنية خالصة ، فإنه عندئذ يدفع الدم الفاسد من الجسد والأخلاط الموجودة فى الجسم والرعشة والبرص والجذام ، وعادة ما تظل مياه العين المذكورة عذبة لونها أصفر براق حتى السنة التالية ، ثم تتحول إلى اللون الأحمر فى شهر يوليو وتظل على ذلك أربعين يوما بلياليها ، حتى يوم المولد حيث تنقطع المياه الحمراء فيه ، وتجرى المياه البراقة وكأنها ماء الورد ، وهى تجرى على هذا المنوال إلى ما شاء الله ، وفى هذا المولد الشريف يتم بيع ما يقرب من عشرة ملايين جرة وكوب وقصعة وذلك من أجل العين المذكورة ، ولا يعلم حسابها إلا الله ويباع فى هذا اليوم أيضا اللبن الرايب والسمن الجيزاوى ، ولوجود جبال الأهرامات فى تلك المنطقة يقوم خمسة أو عشرة أشخاص من زوار تكية أبو هريرة بالتجمع فى مكان ما ويذهبون لمشاهدة جبال فرعون إما سيرا وإما على ظهور الدواب.
عبرة
فى أيام مولد «أبو هريرة» وعلى مقربة من تكيته فى الجيزة تخرج من باطن الأرض مئات الآلاف من عظام الشهداء الذين استشهدوا معه وتتحرك تلك العظام ، ولكنى لم أر ذلك بعينى بل سمعته من رجال ثقات ، وعند ما كنت أعبر النيل بالمركب إلى ناحية مصر القديمة شاهدت الأهالى يحملون فى أيديهم بعض العظام وقالوا إنها أعضاء الشهداء ونأخذها إلى بيوتنا تبركا بها ، وهذه حكمة إلهية للعبرة والعظة.