خضم كبير من الناس كأنهم البحر ، ويمكث الجميع فى خيامهم ، وقد مكث الحقير أيضا مع رفقته مع الموكب وسلم الحقير فرمانات الوزير إبراهيم باشا للكاشف حيث قرئت فى الديوان وجاء فيها ما يلى : «إلى حسن أغا كاشف الغربية لتكن على بصيرة ويقظة حتى انتهاء مولد السيد أحمد البدوى الموجود بإيالتكم ولتحفظوا كل الزوار والتجار ، ولتمنعوا أشقياء العربان من المجىء بالخيول إلى ميدان الملعب وأن تمنعوا أى شغب يقومون به» ، فقال الكاشف سمعنا وأطعنا.
كما قدمت رسائل كتخدا الباشا وقرأت على الملأ وجاء فيها أن يقوم الكاشف بالإحسان على أولياء جلبى بخيل مزين وكيس من النقود المصرية ، وقد أحسن الكاشف على الحقير بجواد فضى السرج مذهب الركاب وكيس من المال وخمسة آلاف عملة حالية كما أمر الكاشف بفرش خيمة لنا بجانب خيمته أقمت فيها ثلاثة أيام بلياليها ، كما نزلت ضيفا بمنزل خليفة البدوى لمدة عشر ليال ، وبعد أن جاء الكاشفان إلى ميدان المولد ومكثا فيه واستتب الأمن هناك ، قام كل التجار والزوار بإخراج أمتعتهم وبضاعتهم ليعرضوها وحينئذ يتم البيع والشراء بشكل لا يمكن التعبير عنه ، ويزين الجميع خيامه بآلاف القناديل والسناجق والأعلام بشكل لا يمكن وصفه ، وقد كان بهذا الميدان الذى يقام فيه المولد صفّة للبدوى يتعبد فيها خارج المدينة فى مكان لا يعرفه أحد يطلق الأهالى عليها مقام السيد البدوى وهى مكان للتعبد وبها صارى اتفاعه ثمانون ذراعا به خيوط يعلق بها القناديل التى يبلغ عددها أربعين ألف قنديل فتصبح الصفة وكأنها خيمة عظيمة ذات صار مثل خيام الوزراء ، وفى بلاد العرب يقولون على تلك القناديل إشارة ، وللصفة أربعون خادما يشعلون كل ليلة عشرة قناطير من زيت السمسم ، وقد وقف لها صاحب الخيرات فى خمسة عشر يوما بلياليها عشرين ألف پاره ، ويضاء الميدان كله بآلاف القناديل الصغيرة والكبيرة ، وعندما ذهب المشايخ لحضرة إبراهيم باشا للحصول منه على الإذن بإقامة المولد وذلك فى السنة التى كنا فيها هناك ، قال لهم الوزير : أيها المشايخ الكرام لتكونوا على بصيرة فى هذه السنة ولتكن الأفراح والاحتفالات أكثر من العام الماضى ، إنه مولد النبى ، إنها شعائر الإسلام فقال كل المشايخ على الرأس والعين