هذا المولد على ضفاف النيل ، فإن كل زواره وتجاره يأتون بالمراكب ويشكلون جمعا غفيرا يعجز اللسان عن وصفه ، وفى اليوم العاشر اعتزم كاشف منوف العودة إلى مصر مع جنوده ودقت طبول العودة أما كل الزوار والتجار فقد عزموا على التوجه إلى مولد إبراهيم الدسوقى.
وقد ركب الحقير زورقا مع مجموعة من خدمه ، وسرنا أربعين ميلا فى ترعة النهارية وشاهدنا على جانبى الترعة مئات القرى العامرة ذات حدائق النخيل والورود ، ثم دخلنا نهر النيل الرئيسى من عند نهاية تلك الترعة عند بلدة الفرزدق ، وقد شقت الملكة دلوكه ترعة النهارية من هذا المكان وبذلك جلبت الملكة مياه النيل إلى النهارية.
تقع بلدة الفرزدق فى أراضى الغربية بها مائتا منزل وجامع ، وهى قرية نقيب أشراف مصر برهان الدين أفندى ، عبرنا بلدة الفرصدق وسرنا نحو ثلاثين ميلا فوصلنا إلى قصبة محلة صا ويطلقونا فى تلك النواحى محلة على القصبة ، ومحلة صا تقع فى أراضى البحيرة بها مائتا منزل وجامع جديد بمئذنة وزاوية وعشرة دكاكين ومقهى ، ودار للضيافة ويقيم الملتزم والأمين فى تلك الدار ويطلقون عليها المسافر خانه ، ويقوم كل الأهالى هناك بتقديم بعض محاصيلهم ليتناول منها الضيوف والمسافرون ، إنها خيرات عجيبة وقد أقام الحقير ليلة فى هذه الدار.
وفى الصباح ركبنا المراكب وسرنا نحو عشرين ميلا فوصلنا إلى محلة أبو على وتقع على النيل فى أراضى الغربية ملتزمها هو عمر الجوربجى وهى قصبة عامرة يحصل منها سبعة أكياس مصرية ، قضاءها مائة وخمسون أقچه ويتبعها خمسة وأربعون قرية آهلة يحصل لقاضيها كل سنة ثلاثة أكياس ، وهذه القصبة قصبة لطيفة وعامرة على ضفاف النيل تمتد من الشرق إلى الغرب ، وبها ثمانمائة منزل أسقفها مغطاة بالتراب وهى للفلاحين ، وبها تسعة محاريب من بينها جامعان ؛ الأول منهما يقع بالقرب من المحكمة الواقعة على ضفاف النيل وهو جامع قديم به أربعون عمودا من المرمر ، وبفنائه شجرة سدر كبيرة مرتفعة جدا تتدلى منها الأغصان ، أما الجامع الصغير الموجود بالسوق فتقام به جماعات كثيرة ، وما عدا تلك المحاريب فهى زوايا ، وبالمحلة خمسون حانوتا ودكان