وكان يتولى أمانة الجمارك فى الميناء ، وكانت كل سفينة تدفع العشر الشرعى وكانت نتيجة المحاسبة مائة وخمسين كيسا ، وكان كيسان يوزعان على الأئمة والخطباء ، ولكن بعض الوزراء كانوا لا يدفعون هذا الجمرك ، وكان للجمرك حمالون من اليهود والروم والمسلمين وعددهم سبعون ، وكان هؤلاء ينالون مرتباتهم من دخل الجمارك.
وفى قلاع الإسكندرية الخمس ألف جندى ، وكانوا ينالون من الجمرك علوفة (١) قدرها أربعون كيسا وباقيتها للوالى وكانت سفن للفرنجة تأتى إلى الإسكندرية والمتحصل منها مائة كيس ، وكان نصيب العلماء فى العام خمسا وعشرين كيسا ، وكان على شاطئ البحر قلعة أبو حور وكان يتحصل لها من ميناء الإسكندرية ومن سفن الإسكندرية ثلاثمائة أو أربعمائة پاره (٢) ، وكانت هذه السفن ترسو فى ميناء الإسكندرية ، وكانت تثير النزاع والخلاف على الدوام وسكن القلعة سنان باشا.
أوصاف قلعة أبو قير
ويقول العرب إن أبو قير بنيت على صخرة فى البحر ولذلك تسمى بهذا الاسم ، وفى إحدى الروايات أن أحد الأولياء هو أبو قير حمد الله مدفون فيها وسميت القلعة باسمه ، ولكن يتردد على ألسنة الناس أنها تسمى أبو حور ولا وجود لأثر للقلعة القديمة. إن لها ميناءا عظيما ، وكان الكفار يجعلون من هذا المرفأ كمينا لسفنهم وكانت سفن المسافرين الآتية من رودس تلجأ إلى هذا الميناء ، وآخر الأمر تحدث والى مصر الطواشى للسلطان سليمان ، فأمر السلطان بأن تنفق الأموال من الخزانة فجدد بها القلعة خادم سليمان باشا ، وسليمان باشا هذا هو من جعل ثلاثة قبور فى مصر على طراز جوامع استانبول وكان وزيرا مدبرا صنع ثلاث مائة سفينة حربية فى السويس وجعل فيها عشرين ألف جندى مع خيولهم ، وغادر السويس إلى بلاد الهند ، وحارب مدن أحمد اباد وديو اباد وميناء حيدراباد ، وانتزعها من يد البرتغاليين واستولى على كثير من
__________________
(١) راتب كانت تدفعه الدولة كل ثلاثة أشهر قمرية.
(٢) پاره : بمعنى قطعة أو جزء فى اللغة الفارسية وهى أقل عملة عثمانية.