الفصل الثامن والستون
وفى رحلتنا إلى مصر فى سفينتنا شاهدنا على ضفتى النيل الحدائق المبهجة وخرجنا أولا من دمياط ومضينا مسافة قدرها ستون ميلا ومقابل دمياط أرض خالية سبخة ، ولا وجود فيها لعمران ولكن فى طرف دمياط حدائق من قصب السكر ، وفى هذه الديار يسمونها القرى وبيوتها أكواخ ولا وجود فيها لبيوت فخمة ، لأن فى أرضهم ينبت الأرز ، وأرضهم أرض مستنقعات ولا تحتمل بناءا ثقيلا ، ولا تروى فيها أرض الأرز ولكن فيها القمح وليس فيها فول ولا حبوب لأنها أرض ذات ماء والأرز ينبت على الدوام فى الماء يا له من مشهد عجيب.
وفى هذه الأرض يفيض ماء النيل ولا ينقص وقد اجتزنا القرى التى فى أرض دمياط إلى فارسكور.
أوصاف منزل فرسكور فى مدينة فارس القديمة
إنه منزل بناه الملك فرسكور بن مصرايم ، وقد عمر ألف سنة وملك مائة بلد ، وكان له مائة ألف فارس جوادهم أبلق وألف فارس جوادهم أشهب ، وهى إقليم التزام دمياط وقضاء يدر مائة وخمسون أقجه إلا أن هذا المبلغ يمنح غالبا لقضاة دمياط وفى هذه الناحية قرى تزرع الأرز فيها كلها ، وعلى ضفة النيل مدينة تبعد عنه مائتى خطوة وتقع على ربوة وبها ألف بيت وسبعة عشر محرابا وست منارات وثلاثمائة دكان ، وثلاث مقاه وحمام ، ولكنها تخلو من السوق والعمارات والمبرات والسبل والمدارس ، ولكن فيها ثلاثة خانات عظيمة ، ويقام فيها سوق مرة كل أسبوع ، ويتكسب أهلها من حياكة الثياب المنقوشة ولكل منهم طرز ، وبها ثلاثمائة دكان تقدم المال إلى الملتزم إنها مقر لمن يصنعون الثياب المنقوشة وأرز وثياب فرسكور واسعة الشهرة.
وتينه التى زرناها تقع شرق البحيرة المذكورة ، وجوها لطيف وبها كثير من النخل والحدائق ، وبين دمياط والنيل مدينة جميلة وفى قبالتها :
كفر سليمان أغا
فى إقليم الغربية وبها جامع ذو منارة وثلاثمائة بيت وتجاهها فى إقليم الشرقية :